جدة التاريخية من عيون الرحالة القدماء إلى أحضان ( اليونسكو )

الشبيعان · 2010-10-08, 04:53 PM

جدة التاريخية من عيون الرحالة القدماء إلى أحضان " اليونسكو "

شبكة البراري - عبدالرحمن الشبيعان

حظيت جدة بأهمية تاريخية كونها الميناء الإسلامي المطل على البحر الأحمر فقد وقع اختيار الخليفة عثمان بن عفان لجدة لتكون منفذا بحريا يخدم الحرمين الشريفين وأول محطة للحجيج والمعتمرين القادمين .
وجذبت جدة التاريخية عيون وقلوب بل وآذان الرحالة الأوائل والأواخر في العصور الإسلامية ، وما بعدها وكتبوا عنها الكثير ورصدوها بأقلامهم ، وأخيراً بعدساتهم ؛ تأكيدا لمكانة جدة التاريخية وموقعها في الخارطة العربية والإسلامية .
ومنهم على سبيل المثال الرحالة بن بطوطة والرحالة ابن جبير والرحالة الاسباني دومنجو باديارلي لبلش والرحالة السويسري جوهان لوديفيج بوركهات وغيرهم كثير ...

وانتقل هذا الاهتمام من كتب المؤرخين والرحالة إلى أحضان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) .
وقد استمرت جدة تحت نفوذ الخلافات الإسلامية المتعاقبة وتصارع دول الاستعمار على موارد ومواني البحر الأحمر بزغ فجرا جديدا لمدينة جدة بعد توحيد هذه البلاد على يد مؤسس هذا الكيان الملك عبد العزيز طيب الله ثراه الذي أدرك بأهمية ودور مدينة جدة في كونها الميناء الإسلامي لخدمة الحجيج والمعتمرين القادمين للحرمين الشريفين حيث حظيت مدينة جدة بعناية شاملة لجميع المرافق والخدمات وقد تعاقب أبناء المؤسس على سير وخطى والدهم رحمة الله حتى أصبحت هذه المدينة عروس البحر الأحمر محط أنظار العالم الإسلامي لكونها بوابة الحرمين الشريفين واليوم تتأهب جدة التاريخية لتكون ضمن قوائم التراث العالمي بعد مدائن صالح وحي الطريف بالدرعية فجدة التاريخية أشاد بها سمو رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان خلال زيارته لها بأنها المدينة الوحيدة في العالم العربي المتكاملة العناصر

لقد احتضنت مدينة جدة خلال القرون الماضية العديد من الرحالة العرب والغربيين الذين شد انتباههم مباني وحوانيت ومقاهي وأسواق جدة حيث دون الكثير منهم الكثير من المعالم التاريخية والعمرانية والتجارية لواقع مدينة جدة وخلال هذا البحث الموجز نستعرض جانبا من هولاء :
الرحالة الشهير ابن بطوطة زار جدة ووصفها قائلًا: وهي بلدة قديمة على ساحل البحر ، يقال إنها من عمارة الفرس، وبخارجها مصانع قديمة، وبها الصهاريج الكثيرة المحفورة في الصخر والتي حفرها أهل جدة لتأمين المياه كما ذكر مسجد الأبنوس أول مسجد بني في جدة خلال خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وبأمر منه رضي الله
كما زار الرحالة الشهيرابن جبير هو محمد بن أحمد الكناني الأندلسي مدينة جدة سنة 579هـ ويصف الحالة العمرانية لمدينة جدة قرية آثار قديمة تدل على أنها كانت مدينة قديمة. وأثر أسوراها ولم يغب عن بال ابن جبير أن يشير إلى أهم المعالم المعمارية والتاريخية فذكر أن بها مسجدًا ينسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله وصف بيوت المدينة فذكر أن أكثر بيوتها أخصاص. أما الفنادق فهي مبنية بالحجارة واللبن ويعلوها غرف مبنية من الأخصاص تفتح على سطوح يبيت فيه ساكني الفنادق تجنبًا لأذى الحر في الغرف يقول عنها ابن جبير بان بها جباب كثيرة بعضها محفورة في الصخر. وهذا المصطلح معناه البئر الكثيرة الماء.

ويصف الرحالة الفارسي المسلم ناصر خسرو جدة عندما زارها عام 1050 م بأنها مدينة كثيرة الخيرات مزدهرة بالتجارة باسقة العمران ووصف أسواقها بأنها نظيفة وجيدة وقدر عدد سكانها بحوالي 5000 نسمة كما قال عنها المقدسي البشاري (توفي 990 م) صاحب كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم "محصنة عامرة آهلة، أهل تجارات ويسار، خزانة مكة ومطرح اليمن ومصر. وبها جامع سري،غير أنهم في تعب من الماء مع أن فيها بركاً كثيرة، ويحمل إليهم الماء من البعد،قدغلب عليها الفرس. لهم بها قصور عجيبة، وأزقتها مستقيمة، ووضعها حسن، شديدة الحرجداً".

وجاءها الرحالة الاسباني دومنجو باديارلي لبلش الذي زار جدة عام 1807م حيث وصف الحالة العمرانية لمدينة جدة بأنها بلدة جميلة شوارعها منتظمة ومنازلها لطيفة مبنية من الحجر ترتفع إلى طابقين او ثلاثة وكل منها له عدد من الشبابيك وأسطحها مسطحة
وجاءها أيضاالرحالة السويسري جوهان لوديفيج بوركهات الذي زار جده عام 1814م حيث وصف موقع جدة وأسوارها الغير قوية و أبوابها كما وصف البلدة من الداخل فقال : كان بالقرب من البحر شارع طويل مواز للساحل عليه دكاكين وحانات جميلة البناء وحوانيت ومقاهي يرتادها رجال البحر وبالقرب من كل منها رجل يبيع الماء المبرد في أواني صغيرة وعدد أيضا أنواع السفن التي رست قبالة الساحل كما وصف شوارعها بأنها غير مرصوفة وواسعة ومنازلها العالية مبنية من الأحجار كما وصف بعض البيوت من الداخل ومساجدها وخاناتها وميادينها وكان لكل منزل خزان مياهه متوسط الحجم لشح المياه كما وصف سوقها التجاري الذي كان بالقرب من باب مكة وتحدث عن بائعي المأكولات ووصف الفواكه الخضروات وأصناف التمر والحلوى المباعة

وجاءها أيضا الرحالة الجيلوجي الالماني ادوارد ريل فقد زار جدة وقال أنها أجمل وأحسن مدن البحر الأحمر حيث سكانها الطيبون يميلون إلى خدمة زائرها ولكنه نقد قلة مياه الشرب فيها وجاءها الفرنسي شارل ديدييه حيث زار جدة وكتب فصل خاص عن حالة جدة فقال انها مدينة نظيفة حسنة جديره بدورها كميناء لمكة ووصف أسوارها وأبوابها وتوزيعات السكان وشبابيك البيوت الخشبية والشرفات التي كان الناس يقضون جزء من حياتهم للتمتع بنسيم البحر كما وصف حاناتها وسوقها المكتظ بالبضائع وتنوع المنتجات بها واختلاف لهجات الناس وأزيائهم حسب موطنهم وقد تحدث عن صناعات الحلي وخاصة الفضة كما وصف حالة الماء بها انه سيئ

وزارها المستكشف الفرنسي ستاسيلاس رسل حيث زار جدة خلال جولة الاستكشافية للبحر الأحمر حيث لم يخفي اعجابة بالبيوت فيها وبالشرفات الخشبية لمنازل الأغنياء وزارها المصور الفرنسي المسلم جول كلودين جرفيس كورتلمون مؤلف الكتاب المصور عن مكة حيث ذكر انطباعاته عن جدة أنها مركزا تجاريا كبيرا وبيوتها تم بنائها من الحجارة مزينة بمشربيات جميلة يكثر بها الباعوض قليلة الماء حرارتها مشبعة بالرطوبة كما زارها لورنس هوت وكتب في كتابه أعمدة الحكمة السبعة وصفا عن جدة بان بيوتها كانت جميلة بصفة عامة وشوارعها كانت نظيفة ووصف سوقها وجوها المشبع بالرطوبة

كما تحدث الطبيب المصري صالح صبحي في كتابا بضعة صفحاته عن جدة كما زارها المستعرب الهولندي الكبير هورجرونج واقام في جدة خمسة اشهر حيث استرعى انتباهه مباني وحوانيت وأزقة مدينة جدة
كما كتب الرحالة الفرنسي دنس دي ريفوير في كتابه وصف عن مدينة جدة كما توقف فيها المستكشف الالماني جيرهارد روهلفز في طريقه لاثيوبيا ثم وصلها المستكشف الفرنسي شارلز هوبير قادما من تيماء ونشر جداول عن تجارة ميناء جدة كما مر بها جون فرير كين بجدة وكتب عنها بعض الملاحظات وكذالك كتب عن جدة الرحالة شارل مونتاني دوتي في كتابه الهام رحلات في بلاد العرب الصحراوية كما نشرة التايمز اللندنية في عددها عام 1862م خطاب من الجراح الانجليزي هرمان بكنيل فيه بعض التعليقات عن جدة كما الف هنريش فريهر فون كتابا ضمنه في فصلين عن جدة احدهما عن المدينة نفسها والاخر عن تجارتها

وزارها أيضا روشية هريكورت وذكر أنها كانت واحدة من مواني الدرجة الأولى في البحر الأحمر وكما زارها ايضا المستكشف الكبير ريتشارد فرنسيس بيرتون وصف جدة ولكنة لم يسهب في وصفها كما زارها الفرنسي تي لفبفر واسترعى انتباهه لون بيوتها البيضاء كما وصلها الكابتن جالينية جدة وكتب عن تجارتها والحالة الاقتصادية السائده انذاك كما وصف جدة الملازم جيمس ولستد سكرتير البعثة الطبية المصرية عام 1834 م بانها تحوي أسوار ومساجد ومدارس واسواق وحوانيت ومقاهي وميادين وبيوت جميلة ومن احسن المدن من حيث النظافة وان سكانها مضيافين كما زارها مرتين العالم الالماني المسلم اولريش جاسبر سيتزن والايطالي المسلم جيوفاني فيناتي

كما دون جورج انسلي في كتابه عن رحلاته الى الهند فصلين عن مدينة جدة والملاح جيمس هوسبرج حيث حدد موقع جدة بدقة واستفاده من بعض البحارة من اهالي جدة عن انظمة وقوانين الملاحة البحرية كما زارها كل من نيكولو دي كونتي والايطالي لودوفيكو دي فارتما والايطالي بيرودي كوفيلها والايطالي ادندريا كورسالي في القرن السادس عشر كما زارها في القرن السابع عشر المغربي العياشي والانجليزي جوزيف بيتس كما زارها في القرن الثامن عشر الطبيب الفرنسي شارل جاك بونست والكشميري المسلم خوجة عبدالكريم والمستكشف الدنمركي كارستن نيبهر .

وهكذا جدة التاريخية منذ حقب من الزمان .. جذبت أنظار الرحالة والمؤرخين والمهتمين من كافة العصور والممل والنحل ، وهاهي اليوم تؤكد هذه المكانة لها وللمملكة ، وتدخل على العالم لتضع بصمة في سماء الإرث الحضاري ، بإنظمامها إلى قائمة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).