إهمال الجيل لكتاب الجليل
عند الجيل المسلم المعاصر إهمال ظاهر لتلاوة كتاب الله وحفظه وتدبره، وساعدهم على ذلك عدم اهتمام التعليم والإعلام لمكانة القرآن وتقديمه كأهم مادة وأنفع درس وأكبر قضية.
متى نستيقظ من سباتنا لنعلم أن هذا القرآن العظيم هو سر مجدنا وشرفنا ونجاتنا ونجاحنا؟ أفيقوا أيها الناس من غفلتكم فإن الصحابة الكرام إنما فتحوا القلوب والأسماع والأبصار والمدن بالقرآن، كان كتابهم الوحيد القرآن، فأقبلوا إليه بنهم وبشغف وبحب وإعزاز، فأعزهم الله ونصرهم وأيدهم بروح منه، كانت مذاكرتهم ودروسهم وبحوثهم عن القرآن، فتحولوا بالقرآن من رعاة غنم، إلى قادة أمم، ومن عبدة أصنام، إلى حملة إسلام، ومن جهلة أغبياء، إلى حكماء عظماء.
إذا أهملنا كتاب الله سقطنا وهُزمنا وذهب مجدنا وعزنا، ما دام أننا مسلمون فالواجب علينا أن نجعل المادة الأولى والكتاب الأهم والدرس الأعظم والمقرر المتميز هو القرآن، ولا نجعله ثانوياً أو هامشياً؛ لأن القرآن رسالتنا إلى العالم وقضيتنا الكبرى ونبؤنا العظيم، لا يحق لنا أن نُخدع ببريق المعارف الوافدة على حساب القرآن، لا يجوز لنا أن نقدم أي مادة على القرآن، لا يحل لنا تأخير محاضرة القرآن أو تأجيل درس القرآن أو إلغاء مادة القرآن، معنى ذلك أننا حكمنا على أنفسنا بالإعدام، وقضينا على حضارتنا وثقافتنا وساهمنا في دوس كرامتنا، فيا أيها الجيل المسلم أولى الخطوات في التعليم والمعرفة الإقبال بنية صادقة على كتاب الله حفظاً وتلاوة وتدبراً وعلماً وتحكيماً ونشراً ودعوة واستشفاءً وإن لم نفعل ذلك فلا خير فينا.
طالب الطب والهندسة والاقتصاد والسياسة والأدب وغيرها، فضلاً عن طالب الشريعة، يجب عليه أن يبدأ بالقرآن، ويلازم القرآن، ويستضيء بالقرآن، ويمتثل القرآن، ويتعلق بالقرآن، ويأخذ علمه ومعتقده وأخلاقه وآدابه وتصوره من القرآن، وإن لم يفعل فسيكون كغيره من أمم الأرض الضالة: (وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
د. عائض القرني