عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2006-05-10, 02:40 PM
أبوريان أبوريان غير متواجد حالياً
عـضـو نـشـيـط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
الدولة: بريدة
المشاركات: 427

أبوريان is on a distinguished road
افتراضي


وانقطعت الكهرباء في بعض الأحياء مما زاد في خوف وهلع الناس {ظلمات بعضها فوق بعض} ظلمة السحاب الطبقي وظلمة العاصفة الرملية وظلمة انقطاع الكهرباء.

صراخ الأطفال خوفاً وهلعاً يسمع في بعض البيوت، بعض النساء تبكي وألسنتها تلهج بالاستغفار والتوبة. والغبار يتسلل إلى البيوت بكثافة غير مشهودة في تاريخ هذا الجيل مما دفع بعض الناس لوضع الكمامات على الوجه وبعضهم مناديل مبللة بالماء وذلك داخل المنازل...، أصوات صفير الرياح تملأ المكان وتضيف رعباً على رعب الظلام، حبات الرمل تصطدم بالنوافذ والأبواب والمكيفات بصورة مخيفة، مدى الرؤية داخل البيوت بدأ بالتناقص بسبب تسلل ذرات الغبار الدقيقة، رسائل الجوال ترسل بالآلاف نصها «ما يحدث في الجو اليوم آية من آيات الله... فلنكثر من الاستغفار يرحمكم الله.. قال تعالى: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون...}، الناس تعج بالتكبير والاستغفار، الجهات الحكومية ذات العلاقة تعلن حالة الاستنفار، الأسواق شهدت حالة من الارتباك حيث النساء والأطفال في العراء، أشجار ولوحات إعلانية تتساقط، مسارات وطرق تغلق، صلاة المغرب تجمع مع العشاء ولأول مرة بسبب عاصفة رملية وذلك لتدني مدى الرؤية وصعوبة الحركة وخطورتها. بعد صلاة المغرب مدى الرؤية بدأ بالتحسن الخفيف، بعد العشاء رياح شمالية وشمالية غربية كنست بعض الرمال من أعلى المنازل والشوارع، وقت الفجر أجواء عادية جداً.

تلكم مجريات ما حدث يوم الثلاثاء والعاصفة الرملية تلك سجلت أرقاماً قياسية وفقاً لحديث المعمرين من الشيوخ فقد أجمعوا انهم لم يشاهدوا مثلها خلال حياتهم، كما أن العاصفة سجلت أقل مدى للرؤية، كما سجلت أكبر كم من التراب ال، أيضاً سجلت أطول وأشد ظلمة استمرت حوالي 45 دقيقة، بعض المسافرين من القصيم إلى الرياض ظلوا حوالي ثلاث ساعات دون حركة، وبعضهم قطعوا المسافة بين الرياض والقصيم بسبع ساعات بزيادة أربع ساعات عن المعدل الطبيعي.



ماهية العاصفة الرملية Dust storm:

عبارة عن رياح عاصفة محملة بذرات ترابية وغبار ة من قشرة الأرض السطحية المفككة. وتعتبر العواصف الرملية من الكوارث الطبيعة التي تخلف الكثير من الحوادث والتلفيات على كافة مستويات النشاط البشري، والعاصفة الترابية ظاهرة مترولوجية شائعة تحدث في كثير من بقاع العالم الصحراوية كالجزيرة العربية والشرق الأوسط بشكل عام وشمال أفريقيا ووسط آسيا واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية بل ورصدت عواصف ترابية عظيمة جداً فوق كوكب المريخ بصورة أعظم بكثير من العواصف الأرضية فسبحانه الذي بيده ملكوت كل شيء.. والعاصفة الترابية تحدث عند توفر شرطين أحدهما: تربة جافة ومفككة عارية من الغطاء النباتي والشرط الثاني سرعة الرياح.

وميكانيكية نشوء العاصفة الترابية نتيجة لتيارات الحمل التي تحدث بعد تسخين شديد لسطح الأرض، فيصبح الهواء فوق سطح الأرض حاراً ومن ثم يصعد إلى أعلى بشكل تيارات حملانية. مما يسبب خلق اختلافات في الضغط الجوي والحرارة، بسببها تندفع رياح أبرد نسبياً إلى ملء الفراغ في الموقع الأمر الذي يثير الغبار ويحمل حبات الرمل إلى أعلى بمستوى يتناسب مع قوة الرياح وجفاف وتفكك التربة والله أعلم. كما أن التنبوء بحدوث عواصف ترابية ليس بالصعب في ظل توفر معطيات مترولوجية واسعة ومعرفة الظروف الجغرافية المحلية.

والعاصفة الرملية أو ما يسمى بالجدار الترابي هي مجموعة حبيبات رملية معدنية المصدر في الأغلب عالقة في الهواء بارتفاع قد يصل إلى عدة مئات من الأمتار وبعرض عشرات وأحياناً مئات الكيلومترات، وبدرجة تركيز تختلف وفقاً: لجهة القدوم، سرعة الرياح، جفاف المصدر وقد يصل التركيز إلى الآلاف من الحبيبات لكل سنتيمتر مكعب كما الحال في عاصفة يوم الثلاثاء. كما تقوم الرياح بنقل كميات هائلة عشرات الملايين من أطنان الرمال كل عام وتقذفها في أماكن مختلفة فوق الأرض وأحياناً فوق البحر. وربما نقلت الرياح تلك الحبيبات من الرمال وخاصة الدقيقة جداً عشرات الآلاف من الكيلومترات من مصدرها الأصلي كما يحدث عندما تصدر الصحراء الكبرى الواقعة شمال افريقيا بعضاً من ذراتها الترابية إلى قارة أوروبا التي قد يصل إلى شمالها وأحياناً باتجاه الغرب فوق المحيط الأطلسي.

مصادر الغبار والرمال:

أهمها على الاطلاق ذرات دقيقة من التراب مصدرها قشرة الأرض السطحية المفككة «التربة» وهو مصدر معدني. ومصادر الرمال الرئيسة في السعودية الربع الخالي، النفود الكبير، الدهناء، الجافورة. المصدر الثانوي ذرات دقيقة أصلها نباتي وخاصة من المزارع وهي لا تشكل نسبة تذكر.

تحرك العواصف الرملية:

تنقل الرياح بإذن الله تعالى تلك الحبيبات الرملية من مكانها الأصلي إلى جهة أخرى وفقاً لمراكز الضغط الجوي وقد تصل إلى مئات الكيلومترات وأحياناً عشرات الآلاف من الكيلومترات كما الحال في الصحراء الكبرى في افريقيا ومن ثم تترسب الحبيبات الة في موطنها الجديد بعد هدوء الرياح.

متى تتحرك الرمال:




حركة ذرات الرمل وتطايرها تتوقف على سرعة الرياح فكلما كانت الرياح سريعة قلت قدرة الرمال على المقاومة حتى إذا ما وصلت سرعة الرياح إلى السرعة الحرجة تحركت حبات الرمل وتطايرت بسرعة الرياح خاصة إذا كانت حبات الرمل صغيرة الحجم. وكلما تعاظمت سرعة الرياح حملت معها كميات أكبر وأحجاماً أكبر من الرمال حتى تصبح عاصفة رملية تكسو وجه الأرض ببساط ترابي مزعج.

وتجدر الإشارة إلى أن السرعة الحرجة تختلف وفقاً لحبات الرمل السائدة وأحجامها «5 - 16 متراً بالثانية» وحيث تدخل الإنسان في تفكيك التربة عبر مناشطه المختلفة ساهم ذلك والله أعلم بشكل سلبي عبر تقليل سرعة الرياح الحرجة الأمر الذي أدى إلى توالي وتكاثر حالات العواصف الرملية في العقود الأخيرة، هذا من جهة ومن جهة أخرى قلة سقوط الأمطار وجفاف المنطقة كعامل طبيعي.



المطر والعواصف الرملية:

احياناً يعقب او يصاحب تلك العواصف الرملية امطار سيما وأن العواصف غالباً ما تتولد بإذن الله تعالى في مقدمة المنخفض الجوي Depression الجبهة الدافئة Warm Front وكذا بمؤخرة المنخفض الجوي الجبهة الباردة Cold Front وبالتالي تكون الأمطار في بدايتها ملوثة بذرات الرمل والطين وذات لون بني او احمر، حيث تقوم قطرات الماء بتنقية الجو من تلك العوالق وكلما كانت الأمطار كثيفة تخلص الجو من كميات اكبر من العوالق الترابية وبالتالي يقوم المطر بدور ايجابي في تسريع نهاية العاصفة وتقليل فترة طيران الحبيبات فوق سطح الأرض وهذا غاية ما يتمناه الناس، حيث الدور المزدوج للمطر تنقية الجو وتنظيف للأرض.




وفي حالة عدم وجود مطر مصاحب لتلك العاصفة الترابية فإن العاصفة تأخذ دورها في النمو بشكل كامل (مرحلة الصبا، يليها مرحلة النضج، وأخيراً مرحلة الشيخوخة) - دون تدخل مطري - وكل مرحلة تمتد لدقائق أحياناً او لساعات احيانا اخرى وربما لأيام وهذا نادر.

ألوان العاصفة الترابية:

لون العاصفة الترابية يتوقف على عاملين ، الأول: لون ذرات التراب المحمولة جواً والشائع هو اللون الرملي، البني، البرتقالي، الأحمر، او الأسود وفقاً لمصدر الرمال. ثانياً: تشتت Scattering ألوان الطيف ذات الموجات الطويلة كالأحمر، الأصفر والبرتقالي بفعل ذرات الغبار العالقة في الجو كما ان وجود سحاب سابق للعاصفة يساهم في تحويل اللون الى الأسود.




دور العواصف الرملية في تغيير الطقس: العواصف الرملية تقوم بدور كبير ودراماتيكي في تغيير الطقس من حال الى حال كما هو مشاهد ومحسوس. منها اولاً: حجب ورد اشعة الشمس الضوئية والحرارية نسبياً او كلياً (100?) كما حصل في عاصفة الثلاثاء ان تصل الى سطح الأرض، مما يؤدي الى ثانياً: انخفاض في درجة الحرارة بشكل ملحوظ. ثالثاً: تدني مدى الرؤية الى اقل من 1000 متر لتكون عاصفة رملية فكيف اذا بلغت اقل من 5 أمتار كما حصل في العاصفة الأخيرة وهذا نادر. رابعاً: تقوم بدور تلقيح السحاب حيث تصبح ذرات الهباء المرتفعة بمستوى السحاب نواة تتجمع حولها ذرات الماء حين تتكثف السحب. خامساً: الرمال الة بفعل العاصفة عامل من عوامل تلوث الجو. ومن حكمة الله تعالى ورحمته بعباده ومخلوقاته ان فترة العاصفة الرملية قصيرة ولو افترضنا جدلا ان استمرت العاصفة الرملية والتي بحجم عاصفة الثلاثاء الأسود اسابيع فوق الجزيرة العربية لبردت الأرض بشكل تدريجي حيث مصدر الحرارة (الشمس) محجوب بشكل كلي تقريباً، ومن ثم تستنفد حرارة الأرض المكتسبة من الشمس يوما بعد يوم ومنها تتجمد ارض الجزيرة فيهلك الزرع والحيوان وربما الإنسان. وهذه فرضية حدوث العرص الجليدي الذي جاء نتيجة لفترة نشاط بركاني هائل حجب بغباره اشعة الشمس لفترة طويلة والله سبحانه اعلم وأرحم. وهناك مثال قريب حدث عندما عمد النظام العراقي بحرق مئات من آبار النفط الكويتية مما شكل سحابة سوداء فوق الكويت لأيام عديدة مما نتج عنه انخفاض شديد في درجة الحرارة حتى استخدمت سخانات الماء في فصل الصيف وفي شهر اغسطس بل وشعر الناس بالبرد.


وقت العواصف الرملية:

قد تحدث ظاهرة العواصف الرملية في اي وقت في السنة فوق الأراضي السعودية فيما اذا توفرت شروطها، الا انها تزداد في فصل الربيع وأوائل فصل الصيف بسبب ظاهرة عدم الاستقرار التي تمر بها اجواء السعودية وذلك ان فصل الربيع يعتبر مرحلة انتقالية بين فصلي الشتاء والصيف وتبدل لمراكز الضغط الجوي ايذاناً بدخول وقت فصل الصيف. وخلال فصل الربيع يستمر عبور المنخفضات الجوية القادمة من الشمال الغربي للجزيرة العربية والتي تسبب في معظم الأحيان نشوء عاصفة ترابية مصحوبة بعواصف رعدية. وتبدأ العاصفة الترابية في الأغلب بعد فترة وجيزة من بلوغ درجة الحرارة اعلاها وذلك وقت العصر ووفقاً للبيانات فإن معظم العواصف الرملية تبدأ آخر النهار.


الغبار المحلي وال


يلاحظ البعض احياناً ان ستاراً من الغبار الرفيع يغطي السماء دون اي نشاط يذكر للرياح السطحية وتفسير ذلك ان الغبار من مكان آخر وحمل الى طبقات الجو العليا اثناء العاصفة خاصة الذرات الغبارية الدقيقة، فلما هدأت الرياح السطحية بقي الغبار معلقاً في الجو فتقوم الرياح العلوية بحمل الغبار ومن ثم تسقطه بشكل هادئ على الأرض علما ان ذرات هذا النوع من الغبار تكون جداً صغيرة. اما الغبار المحلي فهو نتاج حركة سطحية للرياح المحلية المحسوسة.

اضرار وأخطار العواصف الرملية:

تشكل العواصف الرملية تحدياً كبيراً للإنسان اذ انه لا يستطيع التحكم بها ولا التخفيف من حدتها بشكل عملي كما لا يستطيع تغيير مسارها وبالتالي تشكل خطراً يتعاظم مع حجم وسرعة العاصفة وتتنوع تلك المخاطر والأضرار والتي منها: توقف الرحلات الجوية وتغيير مسارها، توقف النقل البري وازدياد الحوادث، اضرار بالممتلكات، اضرار بالمزروعات، تلوث الهواء، انفاق اكثر على تنظيف البيوت والسيارات والطرق، زيادة في معدلات استهلاك المياه، ومن الناحية الصحية التهاب المسالك التنفسية لدى المرضى الذين يعانون من الربو وحساسية الأنف والصدر، شعور نفسي سيئ ينتاب الإنسان، كما يؤدي استمرار العواصف الرملية عدة ايام الى هلاك الإنسان في الصحراء كما الحيوان والتاريخ يشهد بقصص جيوش هلكت بسبب عواصف رملية متصلة، وأختم بمقولة احد القادة العسكريين الأمريكيين ابان الهجوم البري على بغداد حيث قال: لم نكن نتوقع تدخل الجنرال «غبار» في مجريات الحرب.

التوجيه الشرعي:

لاشك ان كل ظاهرة طبيعية نادرة او غير مألوفة هي آية من آيات الله تعالى يدرجها بين الحين والآخر لحكمة يريدها سبحانه وتعالى وليخوف الله بها عباده، ويحي بها القلوب الميتة، ويوقظ بها الأحساسيس والضمائر لتعود وتأوب كما حصل لكثير من سكان المناطق التي عصفت بها العواصف الرملية يوم الثلاثاء الماضي. انها تذكرنا بمشاهد يوم القيامة، حيث العلامة الكبرى الدخان، كما تذكرنا بمشاهد العذاب والانتقام حيث عذب الله بها اقوام وكان صلى الله عليه وسلم اذا اشتدت الريح يسأل الله تعالى خيرها وخير ما ارسلت به ويستعاذ به من شرها وشر ما ارسلت به وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا رأى ريحا او غيما تغير وجهه وأقبل وأدبر فإذا امطرت سري عنه ويقول: (قد عذب قوم بالريح)، ورأى قوم السحاب فقالوا هذا عارض ممطرنا.



وتقبلو تحياتي


أبوريان















.