عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2009-11-06, 02:16 AM
كسير الشمال كسير الشمال غير متواجد حالياً
عضو في فريقyanbu7 لرصد ومتابعه الامطار
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: ينبع >> وديارها
المشاركات: 503
جنس العضو: ذكر
كسير الشمال is on a distinguished road
افتراضي

وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴿الطارق:12﴾

د. ‏زغـلول النجـار






تصدع الأرض ككوكب بواسطة أودية الخسف‏:‏



علي الرغم من التعرف علي عدد من اودية الخسف الصدوع العملاقة علي سطح الأرض منذ زمن بعيد إلا ان العلماء قد اكتشفوا في العقود الثلاثة الماضية ان ارضنا محاطة بشبكة هائلة من تلك الأودية الخسيفة الصدوع العملاقة التي تحيط بالأرض احاطة كاملة يشبهها العلماء باللحام علي كرة التنس‏,‏ وتمتد هذه الصدوع العملاقة لالاف الكيلومترات في جميع الاتجاهات بأعماق تتراوح بين‏65‏ و‏70‏ كيلو مترا تحت قيعان كل محيطات الأرض وقيعان عدد من بحارها‏,‏ وبين‏150,100‏ كيلو مترا تحت القارات‏,‏ ممزقة الغلاف الصخري للأرض بالكامل الي عدد من الألواح التي تعرف باسم ألواح الغلاف الصخري للأرض وتطفو هذه الألواح الصخرية فوق نطاق الضعف الأرضي‏,‏ وهو نطاق لدن‏,‏ شبه منصهر‏,‏ عالي الكثافة واللزوجة وتنطلق فيه تيارات الحمل من اسفل الي اعلي حيث تتبرد وتعاود النزول الي اسفل فتدفع معها الواح الغلاف الصخري للأرض متباعدة عن بعضها البعض في احدي حوافها ومصطدمة مع بعضها البعض عند الحواف المقابلة‏,‏ ومنزلقة عبر بعضها البعض عند بقية الحواف‏.‏ وينتج عن هذه الحركات لألواح الغلاف الصخري للأرض عدد من الظواهر الارضية المهمة التي منها اتساع قيعان البحار والمحيطات‏,‏ وتجدد صخورها باستمرار عند حواف التباعد‏.‏ وتكون سلاسل من جبال اواسط المحيطات ومن الجزر البركانية‏,‏ ومنها تكون السلاسل الجبلية عند حواف التصادم حيث يستهلك قاع المحيط تحت كتلتين القارتين المقابلتين له‏,‏ وتصاحب العمليتان بالهزات الأرضية وبكم هائل من الطفوح البركانية ويبلغ طول جبال أواسط المحيطات أكثر من‏64000‏ كيلومتر وهي تتكون أساسا من الصخور البركانية المختلطة بقليل من الرواسب البحرية‏.‏ وتحيط بالصدوع العملاقة‏,‏ ومع تجدد صعود الطفوح البركانية‏.‏ عبر هذا الصدع العملاق‏(‏ الوادي الخسيف‏)‏ في وسط سلسلة الجبال البحرية يتجدد قاع المحيط بأحزمة حديثة من الصخور البازلتية المتوازية علي جانبي الوادي الخسيف‏,‏ ويهبط قاعة المحيط بنصف معدل اتساع قاع عند كل من شاطئيه‏,‏ وبذلك تكون احدث صخور قاع المحيط حول محوره الوسطي‏,‏ وأقدمها عند هبوط قاع المحيط تحت كتل القارتين المحيطتين به‏.‏

وهذه الحركة لألواح الغلاف الصخري للأرض كانت سببا في زحف القارات‏,‏ وتجمعها‏,‏ وتفتتها بصورة دورية‏,‏ فيما يعرف باسم دورة القارات والمحيطات‏,‏ وفيها قد تنقسم قارة ببحر طولي مثل البحر الأحمر الي كتلتين ارضيتين تتباعدان عن بعضهما البعض باتساع قاع البحر الفاصل بينهما حتي يتحول إلي محيط‏,‏ كما قد يستهلك قاع محيط بالكامل تحت إحدي القارات بدفع كتلة أرضية له تحت تلك القارة حتي يصطدما مكونين أعلي سلاسل جبلية علي سطح الأرض كما حدث في اصطدام الهند بالقارة الآسيوية‏,‏ وتكون سلسلة جبال الهمالايا‏,‏ وبها قمة إفرست أعلي قمة جبلية علي سطح الأرض‏.‏ وهذه الصدوع العملاقة الأودية الخسيفة التي تحيط بالكرة الأرضية إحاطة كاملة بعمق يتراوح بين‏65‏ كيلومترا‏,‏ و‏150‏ كيلو مترا‏,‏ وبطول يقدر بعشرات الآلاف من الكيلومترات في كل الاتجاهات هي مراكز تتحرك عبرها ألواح الغلاف الصخري للأرض متباعدة أو مصطدمة أو منزلقة عبر بعضها البعض‏.‏ وهذه الصدوع العملاقة تعمل كممرات طبيعية للحرارة المختزنة في داخل الأرض والناتجة عن تحلل العناصر المشعة‏,‏ ولولاها لانفجرت الأرض‏.‏

وعبر هذه الصدوع العملاقة تندفع ملايين الأطنان من الصهارة الصخرية علي هيئة طفوح بركانية تثري سطح الأرض بالعديد من الصخور والمعادن النافعة‏,‏ وتجدد شباب التربة الزراعية‏,‏ وتكون مراكز مهمة لاستغلال الحرارة الأرضية‏.‏ وعبر هذه الصدوع العملاقة وما صاحبها من فوهات البراكين انطلقت الغازات والأبخرة التي كونت غلافي الأرض المائي والغازي‏,‏ ولا تزال تنطلق لتجددهما‏,‏ وخلال تلك العملية تفقد الأرض من كتلتها الي فسحة السماء بعضا من مادتها وطاقتها تتناسب مع ما تفقده الشمس من كتلتها علي هيئة طاقة حتي تظل المسافة بين الأرض والشمس ثابتة‏,‏ لاتنقص فتحرقنا اشعة الشمس‏,‏ او تبتلعنا ودرجة حرارة لهيبها‏15‏ مليون درجة مئوية‏,‏ ولا تزيد فيتجمد وتتجمد الحياة من حولنا‏,‏ او تنفلت من عقال جاذبيتها فتضيع في فسحة الكون الشاسع‏,‏ ليس هذا فقط‏,‏ بل ان الغلاف الصخري للأرض قد تكون ايضا عبر تلك الصدوع العملاقة‏,‏ وذلك لأن الكثير من الشواهد الأرضية تشير الي ان الغلاف الصخري الأول للأرض كان مكونا من صخور البازلت الشبيهة بصخور قيعان البحار والمحيطات الحالية‏,‏ وبالصخور المندفعة عبر الصدوع التي تمزقها‏,‏ وان الارض كانت مغطاة بالمياه علي هيئة محيط غامر واحد‏,‏ وبواسطة النشاط البركاني فوق قاع هذا المحيط الغامر تكونت أولي المرتفعات فوق قاعه علي هيئة عدد من السلاسل الجبلية في وسطه‏,‏ ارتفعت قممها لتكون عددا من الجزر البركانية‏,‏ ومع تحرك تلك الجزر البركانية تصادمت مع بعضها البعض لتكون نوي عدد من القارات التي نمت بتصادمها مع بعضها لتكون قارة واحدة عرفت باسم القارة الأم التي ما لبثت ان تفتتت بفعل ديناميكية الأرض وصدوعها العملاقة الي القارات السبع الحالية التي ظلت تتباعد عن بعضها حتي وصلت الي مواقعها الحالية‏.‏

وعبر صدوع الأرض العملاقة تكونت القشرة القارية بتركيبها الذي تغلب عليه الصخور الجرانيتية‏,‏ وأثريت تلك القشرة ولا تزال تثري بمختلف العناصر والمركبات علي هيئة العديد من المعادن والركازات ذات القيمة الاقتصادية‏,‏ وتكونت السلاسل الجبلية التي تثبت باوتادها كتل القارات في قيعان البحار والمحيطات او تثبت قارتين ببعضهما البعض بعد استهلاك قاع المحيط الفاصل بينهما تحت احداهما‏,‏ وثارت البراكين ورجفت الأرض بالزلازل‏,‏ وتحركت دورات الماء والصخور وعوامل التعرية وتكونت التربة والرسوبيات والصخور الرسوبية وما تختزنه من الثروات الارضية واصبحت الارض صالحة لعمرانها بالحياة‏.‏ وهذه الصدوع العملاقة التي تمزق قيعان كل محيطات الارض وقيعان عدد من بحارها‏(‏ من مثل البحر الاحمر‏)‏ توجد ايضا علي اليابسة وتعمل علي تكوين بحار طولية شبيهة بالبحر الأحمر لتفتيت اليابسة الي عدد اكبر من القارات واشباه القارات‏,‏ وتحاط تلك الصدوع القاربة العملاقة بعدد من الجبال البركانية العالية من مثل جبل ارارات في شرق تركيا‏(5100‏ م فوق مستوي سطح البحر‏)‏ ومخروط بركان اتنا في شمال شرقي صقلية‏(3300‏ م فوق مستوي سطح البحر‏),‏ ومخروط بركان فيزوف في خليج نابلي بإيطاليا‏(1300‏ م فوق مستوي سطح البحر‏),‏ وجبل كيليمنجارو في تنجانيقا‏(5900‏ م فوق مستوي سطح البحر‏),‏ وجبل كينيا في جمهورية كينيا‏(5100‏ م فوق مستوي سطح البحر‏).‏

فسبحان الذي وصف الأرض من قبل ألف وأربعمائة سنة بأنها ذات صدع‏,‏ لأن هذه الشبكة الهائلة من الصدوع العملاقة أو الأودية الخسيفة التي تمزق الغلاف الصخري للأرض بعمق يتراوح بين‏150,65‏ كيلو مترا‏,‏ وتمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات لتحيط بالأرض إحاطة كاملة في كل الاتجاهات تتصل ببعضها البعض وكأنها صدع واحد‏.‏ وسبحان الذي اقسم بالأرض ذات الصدع من قبل ألف واربعمائة سنة تفخيما لظاهرة من اروع ظواهر الارض واكثرها ابهارا للعلماء‏,‏ واشدها لزوما لجعل الأرض كوكبا صالحا للحياة وللعمران‏,‏ لأنه بدونها لم يكن ممكنا للأرض ان تكون صالحة لذلك‏,‏ فعبر هذه الصدوع العملاقة خرج كل من الغلافين المائي والغازي للأرض‏,‏ ولايزالان يتجددان وعبر النشاط الملازم لها تحركت الواح الغلاف الصخري الأولي للأرض فتكونت القارات والسلاسل الجبلية‏,‏ والجزر البركانية‏,‏ وتجددت قيعان المحيطات‏,‏ وتزحزحت القارات‏,‏ وتبادلت اليابسة والمحيطات وثارت البراكين لتخرج قدرا من الحرارة الأرضية الحبيسة في داخل الأرض‏,‏ والتي كان من الممكن ان تفجرها لو لم تتكون تلك الصدوع العملاقة‏,‏ وخرجت كميات هائلة من المعادن والصخور ذات القيمة الاقتصادية مع هذه الثورات البركانية‏,‏ ونشطت ديناميكية الأرض‏,‏ وثبتت ألواح غلافها الصخري بالجبال‏.‏

وهنا نري في صدوع الأرض ابعادا ثلاثة‏:‏ بعدا لا يتعدي بضعة ملليمترات او بضعة سنتيمترات في انصداع التربة عن النبات‏,‏ وبعدا آخر في صدوع اليابسة التي تمتد الحركات الأرضية عبر مستوياتها من عشرات السنتيمترات الي مئات الأمتار‏,‏ وبعدا ثالثا في الصدوع العملاقة التي تنتشر اساسا في قيعان المحيطات‏.‏ كما توجد في بعض اجزاء اليابسة علي هيئة اغوار سحيقة تتراوح اعماقها بين‏65‏ كيلو مترا‏,‏ و‏150‏ كيلو مترا‏,‏ وتمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات لتحيط بالأرض إحاطة كاملة علي هيئة صدع واحد‏,‏ ونري اهمية كل بعد من هذه الأبعاد في تهيئة الأرض للعمران‏.‏ ومن هنا كان القسم القرآني بالأرض ذات الصدع من قبل ألف وأربعمائة سنة‏,‏ والعلم الكوني لم يصل الي كشف تلك الحقيقة إلا في اواخر الستينات واوائل السبعينات من القرن العشرين‏,‏ ولم يكن لأحد في زمن الوحي‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعده إلمام بتلك الحقيقة الأرضية‏,‏ او ادراك لشيء من جوانبها‏,‏ ولا يمكن لعاقل ان يتصور مصدرا لها قبل ألف وأربعمائة من السنين غير الله الخالق‏.‏

وهذا السبق القرآني بالإشارة الي تلك الحقيقة الأرضية والي غيرها من الحقائق الكونية هو ما يؤكد ان القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وأن هذا النبي الخاتم‏,‏ والرسول الخاتم‏,‏ الذي أوحي اليه القرآن‏,‏ كان دوما موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض فصلي الله وسلم وبارك عليه‏,‏ وعلي آله وصحبه أجمعين وعلي كل من تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين‏,‏ اللهم آمين آمين آمين‏