تصريح وزارة الثقافة والإعلام رقم م ن / 154 / 1432


العودة   شبكة البراري > منتديـات البراري الرئيسيــة > منتدى الأحوال الجوية والفلكية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2009-11-01, 11:59 PM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي مفتي عام المملكة وكوكبة من العلماء والمشائخ يجيزون الاستمطار ويفتون بحله وجوازه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
يطيب لي أن أقدم لكم موضوع الاستمطار
وأرجو أن يكون في هذا البحث المتواضع الذي جمعته ورتبته الفائدة والنفع للجميع
وان ينهي الخلاف والنزاع في حل أو حرمة الاستمطار
وذلك بعد قيامي بسرد النقولات والفتاوى لعلمائنا ومشائخنا الكرام

وأنا هنا لا أتكلم بشكل أساسي عن جدوى الاستمطار وهل هناك فائدة منه
وإن كنت سوف أنقل بعض النقولات عن هذه الجزئية
وهي ( الفائدة أو عدم الفائدة من الاستمطار )

لكن الأمر الأساسي في هذا الموضوع بيان الحكم الشرعي الموثق للاستمطار

قال الله تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون ) سورة الأنبياء آية رقم ( 7 )

قال القرطبي في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) يشرح الآية أعلاه :
مسألة : لم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها ، وأنهم المراد بقول الله -
عز وجل]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [
لم يختلف العلماء أن العامة لا يجوز لها الفتيا ؛ لجهلها بالمعاني التي منها يجوز التحليل والتحريم]انتهى
=========================

حكم استمطار السحب
لمفتي المملكة آل الشيخ
من قناة المجد
س – ما حكم استمطار السحب ؟
ج – استمطار السحب قرأت عنها في بعض من كتب حولها وذكروا لها طرقا متعددة كما هو معلوم
والكتاب الذي قرأنا عنهم يقولون :
أن هذه العملية متعبة ومكلفة
هي لاتنافي أن يكون بيد الله
يعني كون استمطار السحب لايعني أحد يقول أنهم قدروا على إيجاد مطر ما قُدّرله هو قُدّر لكن بأسباب
كالرياح أسباب
لكن من كتب حوله كثير منهم يقولون إن العملية مُتعبة وإنها أحيانا قد لاتحقق الهدف
فربما استُمطرت هنا فيذهب المطر إلى مئات الكيلوات عمّا أردته هكذا قال بعضهم فإن ثبت نجاحها فكل شيء بإرادة الله
والله يقول (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ؟ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ؟)[الواقعة: 68 - 69
لو لم يكن في السحاب مطر يحمله
ما كان الاستمطار ليخلق الماء هذا
كل شيء بإرادة الله
لكن المهم عن آثارها إيجابا وسلبا
هل هي تحقق المقصود
هل تكلفتها بالنسبة إلى آثارها متطابقة أم لا
والأمر بيد الله
المصدر الصوتي للفتوى
حكم استمطار السحب

=================================

وهذه فتوى للشيخ سليمان الماجد
فتوى رقم : 10546
لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد
بتاريخ : 29/10/1430
س : ما حكم الاستمطار الصناعي لأن بعض العامة تكلم به فمنهم مؤيد ومنهم معارض ؟ وجزاك الله خيراً .
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. لا نعلم في الشريعة ما يمنع من الاستمطار الصناعي ، وأنما غاية ما يفعله البشر هو وضع بعض العوامل المؤثرة في نزول المطر ، وأما العملية الكاملة التي ينزل بها المطر بإذن الله عزوجل فهذا ما لا يقدر عليه البشر ، حيث يؤثر ـ بإذن الله في نزول المطر ـ عوامل عدة منها : الشمس والتبخر ودرجة الحرارة والجو ، ونسبة الرطوبة ، والضغط الجوي ، وملقحات السحب ، والبشر لا يقومون إلا بعملية واحدة .والله أعلم .
المصدر
الاستمطار الصناعي

================================================== ==

وهذه فتوى الشيخ د: المصلح بخصوص الاستمطار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت أن أنقل لكم فتوى الشيخ الدكتور خالد المصلح بخصوص الإستمطار
لاحرج في عمليات استمطار السحب ، وهو نظير ماحصل من استخراج المياه من الأراضي بالحفروالأصل في الوسائل التي يحصل بها الانسان على مقصوده وتخلو من المحظورات الشرعية الاباحة
والاستمطار لايعارض قدرة الله تعالى بل هو من قدرة الله الذي أقدرنا على أن نصل الى هذه الأسباب
المصدر: جوال المجد


يتبع
أرجو عدم الرد حتى يكتمل الموضوع


  #2  
قديم 2009-11-02, 12:05 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





:. كعادتنا وعادة غيرنا في كل ما هو جديد ودخيل نكون منه حذرين ومتوجسين، وفي إطلاق الحكم عليه مندفعين غير مترددين وقبل أن يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وماذا يضيرنا لو تبينا قبل أن نصيب قوماً بجهالة فنصبح على ما فعلنا نادمين.

*****
:. شاع مصطلح الاستمطار إعلامياً واجتماعياً في الأوساط السعودية عام 1426هـ - 2006م إبان البدء بالتجربة السعودية الأولى على المنطقة الوسطى، وبدأ الناس يتداولون هذا المصطلح الجديد في منتدياتهم التقليدية والإلكترونية، وجاءت مواقف الناس من تقنية الاستمطار متباينة ما بين قبول ورفض ... ويعتمد الموقف ثم الحكم بالدرجة الأولى على مفهومهم لآلية الاستمطار العلمية. وفي الوقت نفسه أنكر البعض (من غير العلماء) حقيقة تقنية الاستمطار متكئين زعموا على قواعد شرعية فحرموا العمل و جرموا الفعل (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ) ولكن (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
لذا يأتي هذا التقرير عن تقنية الاستمطار علّه أن يكون لقارئه إضاءة ولسامعه منارة، وهي محاولة لتقديم القصة بقالب علمي وإطار منهجي وليتمكن القارئ الكريم من إصدار الحكم الشرعي والقرار الاجتماعي والعلمي كما الاقتصادي أيضاً تجاه تقنية جديدة هي الاستمطار.

*****

الاستمطار أم الاستغفار؟!
:. لا تعارض بين عبادة التوكل وبين العمل فتقنية الاستمطار ـ في حال نجاحها ـ هي سبب كغيرها من الأسباب قد تنجح وقد تفشل كما يفعل الطبيب والمزارع والمهندس وغيرهم من تحري وفعل الأسباب الجالبة لتحقيق الهدف. وكما أن الخالق يأمرنا بالتوكل عليه يأمرنا أيضاً بفعل الأسباب فلا يكفي أن نستسقي دونما حرث وبذر للأرض وإعدادها لاستقبال القطر والمطر لإنبات الزهر، قال عمر رضي الله عنه لجماعة من الأعراب كانوا إذا مرضت إبلهم سألوا عجوزاً الدعاء: "اجعلوا مع دعاء العجوز شيئاً من القطران". والإنسان في هذا العصر أتاح له الخالق عز وجل استحلاب السحاب ومضاعفة المطر بإذن الله تعالى عبر تقنية أثبتت بعض التجارب أنها ناجحة (نسبياً).

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ).

:. فما هو المحظور والممنوع في تفعيلها وتطبيقها والاستفادة منها إن كانت مفيدة؟. تأمل قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ؟ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ؟) ولا يكون خلق الإنسان إلا بالزواج والاتصال وهي إرادة وفعل بشري محض، ولكنه في محيط وبيئة ليس له فيها إرادة، وتدبر قوله عز وجل: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ؟ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ؟) فنسب الخالق الزراعة إلى نفسه سبحانه وتعالى، ومراحل الزراعة من حرث وزرع وري ورعاية إرادة وعمل بشري محض مأمور إلى فعله وعمله على وجه خبرة مكتسبة ولم يؤمر أن يتكل على الطبيعة فالسماء لا تمطر بصلاً ولا خياراً. أيضاً نجد أن المزارع يتدخل كيميائياً عبر السماد العضوي والكيميائي في مضاعفة محصوله وفي هذه الحالة لا نقول هذا محصول صناعي، وتدخل بشري ممنوع ومحظور، وهذا الدور نفسه الذي يقوم به المستمطر بطائرته بإذن الله تعالى.
أيضاً عملية الاستمطار تشبه من وجه عملية التلقيح (الصناعي) للمرأة حيث التدخل البشري المحدود والمسموح به شرعاً وأخلاقاً وطفل الأنابيب أو طفل التلقيح الصناعي لا يُسمى طفلاً صناعياً ويجب أيضاً ألا نسمي الاستمطار مطراً صناعياً فالخالق هو الله وفعل الإنسان سبب.

*****

:. يقول الخالق عز وجل (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ؟ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ؟) وهذه منة أخرى من المنان سبحانه وتعالى يذكِر بها عباده أنه هو وحده سبحانه منزل الماء من السحاب ... وتدخل الإنسان المحدود في عملية بذر السحب أو التلقيح الصناعي هو سبب تحت مشيئة الله إن شاء الله أمضاه وإن شاء أبطله (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) و تلقيح السحب مقدر من الله وهو عمل مشابه لما يقوم به المزارع في إضافة السماد أو في تلقيح النخل على سبيل المثال فكل هذا سبب واقع تحت مشيئته وقدرته سبحانه وتعالى إن شاء أمضاه وتضاعف المحصول، وتلقح النخل، وسقط المطر وإن شاء سبحانه وتعالى أبطله وأبطل مفعوله.

*****

:.وأيضاً قال الله عز وجل (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) نعم لقد منّ الخالق على عباده أن جعل المطر عذباً فراتاً لا ملحاً أجاجاً، ومع ذلك توجه الإنسان للبحر الأجاج فقام بتحلية مياهه عبر تقنية عصرية. والتحلية محاكاة صناعية بشرية لآلية الدورة المائية الطبيعة بمعنى آخر التحلية (مطر صناعي) ولم يعد ذلك العمل وتلك التقنية محاكاةً ومضاهاةً لخلق الله بل هو مما أتاحه وأباحه الله عز وجل.
لذا فالاستمطار ـ والله أعلم ـ عمل مشروع (إذا ثبتت جدواه الاقتصادية) وليس فيه محادة للخالق عز وجل في علاه، ومن أجل بقاء الحياة في ظروف مناخية صحراوية قاسية وتوفير الماء للبلاد والعباد فنحن مأمورون شرعاً بفعل الأسباب الحسية كحفر الآبار الارتوازية، وإقامة السدود في المناطق الجبلية، وتشييد القنوات المائية، وتحلية مياه البحر الملحية، وأخيراً تفعيل تقنية الاستمطار لزيادة الكمية.


صورة فضائية لأكبر سد في السعودية سد الملك فهد بوادي بيشة يصل ارتفاعه إلى 103م.

:. ومع هذا كله يبقى الإنسان ضعيفاً ذليلاً لخالقه فلا يستطيع الإنسان تبخير المحيطات وترطيب الأجواء والسموات وسوق الرطوبة إلى القارات وتكثيفها والتأليف بينها لتكون ركاماً يحمل الخيرات بل هذا لله وحده الخالق المالك المدبر ... وفي هذا الموسم 1428-1429هـ على سبيل المثال عبرة لمن التبس واشتبه عليه الأمر فطائرات الاستمطار رابضة في مدارجها لم تتحرك طول موسم الشتاء لأن الخالق لم يشأ أن يسوق لنا المنخفضات الجوية الحاملة للأمطار (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).


طائرة الاستمطار تربض في أرض المطار بالرياض.

*****
ماهية الاستمطار
:. الاستمطار هو تدخل بشري تقني محدود لتلقيح أو زرع السحاب بمواد التكثف الطبيعية أو الكيميائية، وهو تقنية وهبها الله تعالى للإنسان بالعلم والتعلم (وَعَلَّمَكَ مَالَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَاَنَ فَضْلُ اْللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) من أجل السعي لتعديل الظروف المناخية بشكل محدود وترويضها لخدمته (إن استطاع) قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً).
ومصطلح زراعة أو بذر السحب Cloud seeding "يقصد به نثر قطع من مادة صلبة في محلول فوق مشبع ببخار الماء ليدفع ذلك إلى هطول المحلول، أو نثرها في محلول فوق مبرد لتتسبب في تجمده، وهذا هو مبدأ الكيمياء الفيزيائية للبذر، هذه المواد الصلبة أو ما يعرف باسم نويات التكاثف أو التجمد، هي ما يطلق عليه أيضا اسم محرضات السحب على الهطول ووظيفتها استقطاب جزيئات بخار الماء لتتجمع وتتراكم عليها، وكلما ازدادت كمية هذه النويات في السحابة إلى حدود معينة أدى ذلك إلى تشجيع نمو مكونات السحابة وحدوث الهطول وتعاظم كميته"1

*****

محرضات السحب
:. إن آلية تشكل ونمو السحب الدافئة تختلف عن آلية تشكل ونمو السحب الباردة، لذلك فإن هناك اختلافاً في مواد البذر المستخدمة لإدرار حمولة السحابة من مكوناتها منها تعمد تقنية الاستمطار إلى التفريق بين السحب الباردة والسحب الدافئة فلكل نوع طريقة ومسار على النحو التالي:
أولاً: في حالة السحب الباردة تستخدم مادتان الأولى حبيبات ثاني أكسيد الكربون الجاف(الثلج الجاف) Dry ice والثاني أيود (آوديد) الفضة Silver iodide وهو أفضل المواد الكيميائية في تلقيح السحب الباردة وهو المستخدم في المشروع السعودي للاستمطار. "ويكفي غرام واحد من يوديد الفضة لصناعة عشرة مليارات جزيء بقطر معدله أقل من ميكرومتر (مايكرون = واحد بالألف من الملم). وحول هذا الجزيء تتجمد المياه بسرعة لتتساقط بلورات الجليد الصغيرة وفي طريقها إلى الأسفل تجرف معها قطرات دقيقة إضافية وتتحول إلى كرة ثلج بقطر 1-2 ملم تصبح قطرات مطر عند اصطدامها بطبقات جوية أكثر سخونة"2.

ثانياً: في حالة السحب الدافئة يستخدم ملح الطعام ليشكل نويات تتكاثف حولها قطرات الماء عن طريق نثر دقائق الملح في الهواء المتصاعد إلى جرم السحابة.


نشر مواد التلقيح يكون فوق أو تحت السحب حسب درجة حرارة السحب.




علماً أنه إذا ما تركت السحابة لطبيعتها فإنها (قد) تلقح بمواد عالقة في الجو كالغبار والرماد البركاني وغبار اللقاح الزهري والملح والدخان ورماد الشهب ونحوها ومن ثم يسقط المطر (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) ... ولكن عند استثارتها عبر تقنية الاستمطار تكون بإذن الله تعالى تحت تأثير مزدوج اللقاح الطبيعي والصناعي فتكون نسبة التهطال وقوعاً وكماً أعلى والله وحده أعلم.
ونظراً للتعقيد الشديد الذي يشوب ويلف آلية تخلق المطر ودخول أكثر من عامل مؤثر فإن المستمطرين لا يستطيعون تحديد الزمان والمكان لهطول المطر (فقد) يتم الرش فوق الرياض ويسقط المطر فوقها أو فوق الدهناء مثلاً و يتم الرش فوق منطقة القصيم ويسقط المطر فوق الزلفي مثلاً وهذا يحصل في كل أنحاء العالم فعلى سبيل المثال السحب المستمطرة في الإمارات أحياناً تسقط حمولتها في الخليج، وإسرائيل تستمطر فيسقط المطر أحياناً على الأردن فتنبهت لهذا وبدأت تستمطر السحاب فوق البحر المتوسط ليهطل فوق فلسطين. ومن جانب آخر لا يوجد فرق بين نوعية المطر الملقح بالطائرات أو المطر الملقح بالرياح طبيعياً وبالتالي لا توجد آثار سلبية على الناس ومصالحهم الزراعية والله أعلم.

*****
طرق الاستمطار
:. لتقنية الاستمطار طريقتان رئيسيتان:
الأولى: طريقة جوية بواسطة طائرة خاصة تحلق تحت أو فوق أو داخل السحابة وفقاً لطبيعته وهذه الطريقة أكثر فاعلية وتستخدم في كثير من دول العالم التي تعاني من الجفاف.
الثانية: طرق أرضية عبر المدافع المضادة للطيران وتستخدم كثيراً في الصين.


تستخدم المدفعية المضادة للطائرات لإطلاق مواد التلقيح إلى مستوى السحب.

*****
تاريخ تقنية الاستمطار
:. قد يعتقد بعض الناس أن تقنية الاستمطار حديثة وجديدة بل أنها قديمة نسبياً، ففي فرنسا وسويسرا على سبيل المثال أجريت تجارب أولية للتأثير على الغيوم باستخدام قذائف المدفعية وذلك في أوائل القرن الماضي. وفي عام 1931م ولأول مرة في التاريخ تمكنت نيوزيلندا من إثارة المطر صناعياً عندما قذفت حبيبات ثاني أكسيد الكربون الصلب في الجزء المحتوي على مياه فوق مبردة من الغيوم بواسطة الطائرة، وفي عام 1946م تمت واحدة من أوائل التجارب العلمية في التأثير على السحب العالية البرودة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

*****
الجفاف في السعودية:
:. قدرنا نحن العرب أن نكون في موقع فلكي يصنف مناخياً أنه مداري جاف طول العام، وأمطاره قليلة شحيحة تسقط شتاءً بشكل متقطع وغير منتظم عدا منطقة المرتفعات الجنوبية فهي طول العام، ويصل متوسط التهطال إلى حوالي 100ملم سنوياً فقط يتبخر جله ويتسرب في جوف الأرض بعضه. هذه الظروف الجافة وأنشطة الناس المختلفة وخاصة الزراعية أثرت على مستوى المياه الجوفية العميقة والذي يتعرض إلى استنزاف غير مسبوق وبصورة غير مسؤولة حتى جفت العيون التاريخية وبعض الآبار الارتوازية والبحيرات السطحية فأصبحت أثراً بعد عين.


بحيرة ليلى بالأفلاج عام 1980م (مؤشر مستوى المياه الجوفية فوق السطح).


بحيرة ليلى بالأفلاج عام 1986م بعد دعم زراعة القمح والتوسع بزراعته.

بحيرة ليلى بالأفلاج عام 1996م "لا حياة لمن تنادي"


بحيرة ليلى بالأفلاج عام 2000م أصبحت أثراً بعد عين.

لذا عمدت حكومة المملكة العربية السعودية إلى خيارات عدة لمواجهة الأزمة، ومنها الاتجاه إلى تقنية تحلية المياه من البحر لتعزز نقص المياه والطلب المتزايد على الماء، ومنها تقنية الاستمطار والذي من فوائدة:
1. مضاعفة كمية المطر بشكل نسبي.
2. يساعد نسبياً على الحد من الجفاف.
3. زيادة الجريان السطحي.
4. زيادة المخزون المائي في السدود.
5. تغذية الخزانات المائية الجوفية.
6. يحسّن الميزانية المائية.
7. الحد من التلوث الجوي.
8. مكافحة التصحر والجفاف.
9. وأخيراً تستخدم تقنية الاستمطار في بعض دول العالم من أجل كبح جماح الأعاصير والتقليل من حدة موجات البرد والصقيع وأحياناً من أجل إطفاء حرائق الغابات الكبرى فسبحان من علم الإنسان ما لم يكن يعلم.


الجفاف سمة المناخ في الجزيرة العربية.

*****
الاستمطار في السعودية
:. تقنية الاستمطار طبقت في دول مختلفة منها: روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وليبيا والأردن وسوريا والمغرب العربي والإمارات وأخيراً الصين وهي أكبر دولة عاملة في هذا المجال.
وتعد تجربة الاستمطار في المملكة العربية السعودية واحدة من عدة تجارب قامت في دول عربية مختلفة، حيث أجريت لأول مرة عام 1988م في منطقة عسير بينما التجربة الثانية بدأت عام 2006م ولتغطي ثلاث مناطق وسط المملكة (الرياض والقصيم وحائل).


مواقع تجربة الاستمطار السعودية الأولى في المنطقة الوسطى (الرياض، القصيم، حائل).

*****
تقويم تقنية الاستمطار
:. والسؤال المشروع في هذا السياق هل فعلاً ما يهطل من أمطار هو بفعل الاستمطار؟ وكيف نفرق بين هذا وذاك؟ فإن كان الجواب بالإيجاب، فما الجدوى المائية المترتبة على عملية الاستمطار؟
أولاً عندما تقوم الطائرات بالتحليق فوق السحب وبذر الغيوم ومن ثم تسقط الأمطار؛ أزعم أنه لا يستطيع أحد إبتداءً الجزم أن الأمطار التي تهطل هنا أو هناك هي بفعل الاستمطار! وعلمياً يتطلب الجواب على السؤالين السابقين تكرار عملية الاستمطار في منطقة مختارة بضع سنوات، وقياس المطر (الكمية و الشدة والنمط) في المنطقة المستهدفة في كل موسم وبكل دقة، ومن ثَم إخضاع النتائج إلى عمليات إحصائية علمية متقدمة تتضمن مقارنة النتائج بنتائج سنوات قبلها، وأيضاً مقارنة النتائج نفسها بنتائج مناطق مجاورة ومماثلة لها جغرافياً ومناخياً منها نستطيع الإجابة على السؤالين السابقين والله أعلم.

:. وعالمياً "أكدت التجارب حتى الآن أن نجاح عمليات الاستمطار تتراوح بين 5-20% زيادة في التهطال في مساحات كبيرة ولفترات زمنية طويلة. ومن الغيوم الركامية قد تصل 100% ولكنها تقل بالنسبة للسحب الطبقية وممكن أن تصل إلى 300% من غيوم محددة"3 ومع ذلك تختلف الظروف المكانية وبالتالي النسبة.

*****
مسميات الاستمطار
:. الاستمطار أحد فروع ما يسمى تعديلات الطقس Weather modification وله عدة مسميات منه: استحلاب السحب، زراعة الغيوم، بذر الغيوم Cloud seeding ، اصطياد السحب والمطر، تلقيح السحب، حقن السحب، وكذلك يطلق عليها صناعة المطر rainmaking وهذا مصطلح منكر ومظلل والله أعلم.


رادار دوبلر لمراقبة السحب المستهدفة في مطار القصيم.

*****

نقطة أخيرة
:. ولي أن أسجل رأيي في المسألة وأقول أن الاستمطار كتقنية علمية صحيحة في معادلاتها الكيميائية والفيزيائية والرياضية ... ولكن تحديد الجدوى الاقتصادية مسألة أتوقف عندها لتعارض النتائج والتقارير في هذا السياق.
وينبغي في هذا الإطار التحذير من إطلاق بعض العبارات أو الأوصاف والتي قد يكون فيه ما يخالف العقيدة ... فمن الخطأ السؤال: هل هذا مطر طبيعي أو من فعل الاستمطار؟! أو هذا مطر صناعي! وقد جاء الحديث في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بأصحابه ثم قال: يقول الله تعالى "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب".
هذا ما عنّ في ذهني عن تقنية الاستمطار فما كان فيه من صواب وتسديد فمنة من الكريم المنان، وما كان غير ذلك فلست أول من أخطأ واستغفر للغفار وأتوب للتواب عز وجل.
وعلى دروب العقيدة والحياة نلتقي فنستقي ونرتقي.
*****
الدكتور / عبدالله المسند
*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم - السعودية.
محرم 1429هـ

يتبع
أرجو عدم الرد حتى يكتمل الموضوع

  #3  
قديم 2009-11-02, 12:08 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

" المطر الصناعي " حقيقته ، وأقوال العلماء فيه
السؤال : ما الحكم الشرعي فيما يسمى بـ " استمطار السحاب " بواسطة التلقيح الصناعي ؟ وهل يصح قياسه على طفل الأنابيب وعمليات التلقيح الصناعي ؟

الجواب :
الحمد لله
أولاً:
حقيقة " الاستمطار " ، وكيفيته :
جاء في " الموسوعة العربية العالمية " :
" الاستمطار " – Rainmaking - :
الاستِمْطار : عملية إسقاط المطر من السحب بطريقة علمية بحته تُجْرَى على السحب المتكوِّنة في الجو ، ويسمَّى أيضاً : " تطعيم السحب " ، يستخدم الناس هذه الطريقة لزيادة كمية المياه بمنطقة معيَّنة ، أو لتوفير المياه للري ، أو لتوليد الطاقة الكهربائية من المحطات الكهرومائية ، وتُستخدم أيضاً لمنع سقوط الأمطار الغزيرة في المناطق الزراعية خوفاً من تلف المحاصيل ، ويمكن للخبراء في بعض الأحيان تخفيض شدة العواصف بتكوين السحب قبل وصولها إلى تلك المناطق ، وقد قام العديد من علماء الولايات المتحدة ، الذين يعملون بصفة مستقلة ، بتطوير أساليب الاستمطار وطرقها خلال الأربعينيات من القرن العشرين .
ثلاث طرق للاستمطار :
طرق الاستمطار : يحدث المطر عندما يُكوِّن بخار الماء في السحب بلورات ثلجية ، أو قطرات ماء ضخمة وثقيلة بالقدر الكَافي للسقوط على الأرض ، يمكن في بعض الحالات زيادة احتمال سقوط المطر بإضافة مواد تعرف بعوامل التطعيم إلى السحب ، وتعمل عملية التكوين بصورة أفضل في السحب التي يكون احتمال سقوط الأمطار منها كبيراً ، وتعتمد المادة المستخدمة في عملية التطعيم على درجة حرارة السحب .
وعند درجات حرارة أعلى من الصفر المئوي : فإن عامل التطعيم الرئيسي المستخدم سائل مكون من " نترات الأمونيوم " و " اليوريا " ، وتسبب جسيمات هذا العامل تكون بخار الماء حوله ، ويرش عامل تطعيم السحب من الطائرات على أسفل السحابة .
وعندما تتكون بلورات الثلج : تسقط في اتجاه الأرض في صورة كتل جليدية رقيقة ، وعندما تدخل منطقة تكون درجة حرارتها فوق درجة الصفر : تنصهر مكونة المطر .
تبلغ درجة حرارة الجليد الجاف - وهو غاز ثاني أكسيد الكربون - حوالي 80° م تحت الصفر ، وتقوم كرات الثلج الجاف عند إسقاطها على السحب من الطائرة بخفض درجة حرارة الماء فائق البرودة ، وعندما تنخفض درجة الحرارة : يتحول الماء إلى بلورات من الثلج ، وتشبه بلورات " يوديد الفضة " بلورات الثلج ، وهي التي تؤدي بالماء فائق البرودة إلى تكوين بلورات الثلج حولها ، وتستخدم أجهزة تُسمى " الشعلات " ، و " المولدات " ، لإنتاج وتوزيع بخار يحتوي على بلورات " يوديد الفضة " ، ويكوَّن هذا البخار بحرق " يوديد الفضة " مع مواد أخرى ، ويتم توزيع البخار عن طريق الطائرة ، كما يمكن استخدام " المولدات " أيضاً لتوزيعه على الأرض .
تسبَّبت عملية " تطعيم السحب " في كثير من الخلافات ، والمناقشات ، فالعلماء لم يكونوا قادرين على إثبات تأثيرها العملي في كل الحالات ، ويضاف إلى ذلك اعتقاد بعض الناس بأن زيادة سقوط المطر في مناطق معينة : قد يؤدي إلى نقصه في مناطق أخرى " انتهى .

ثانياً:
كلام بعض خبراء البيئة ، والأرصاد الجوية :
1. قال الكاتب البيئي أسعد سراج أبو رزيزة : " في عام 2003 م ذكر تقرير للأكاديمية القومية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية : ( أنه لا توجد حتى الآن أدلة حاسمة ، ونتائج موثقة تؤكد فاعلية هذه التقنية ) .
وتذكر جمعية الأرصاد الجوية الأمريكية : ( أن هناك مؤشرات لاحتمال زيادة كمية الأمطار بنسبة 10% بعد بذر السحب ، واستمطارها ) .
ويقول الدكتور " ويليام كوتون " من قسم علوم الأرصاد بجامعة ولاية كولورادو : " إنه لم نر - باستثناء بعض الحالات النادرة - أدلة حاسمة تؤكد أن استمطار السحب يحقق أهدافه " .
وتذكر منظمة الكومنولث للعلوم والصناعة في تقرير لها : " أنه من المستحيل كسر الجفاف باصطياد المطر صناعيّاً ، وتؤكد أن نجاح تجاربها كان مرهوناً بنوع السحب المستهدفة ، وأن معظم السحب لا يمكن استمطارها " انتهى .
2. وقال أيضاً – الكلام لأسعد سراج - : " الأثر البيئي لهذه التقنية يجب البحث فيه ومعرفة جوانبه ، فالمواد المستخدمة في بذر السحب : مواد سامة - بحسب تصنيف المنظمات العالمية - ، فمكتب البيئة والصحة والسلامة بجامعة " بيركلي " - كاليفورنيا بالولايات المتحدة - يصنف " يود الفضة " بأنه مادة كيماوية غير عضوية ، خطرة ، لا تذوب في الماء ، وسامة للإنسان ، والأسماك .
وتفهرس وكالة حماية البيئة الأمريكية مادة " يود الفضة " ضمن المواد الخطرة ، والسامة .
وفي دراسات طبية عديدة على تأثير " يود الفضة " على صحة الإنسان : ثبت أنها تدخل إلى جسمه عن طريق الجهاز الهضمي ، أو التنفسي ، أو عن طريق امتصاص الجلد ، وتصيبه بأمراض ، تبدأ بإثارة الجهاز الهضمي ، وتحوِّل لون الجلد إلى الأسود ، في حالات التسمم البسيطة ، وتصل إلى تضخم القلب ، والنوبات الصدرية الحادة ، مع الجرعات العالية " انتهى .
"جريدة الوطن السعودية" ( الأربعاء 23 جمادى الأولى 1429هـ ، الموافق 28 مايو 2008م ، العدد ( 2798 ) ، السنة الثامنة ) .
3. نقل الشيخ عبد المجيد الزنداني عن الدكتور محمد جمال الدين الفندي - أستاذ الفلك والطبيعة الجوية بكلية العلوم بجامعة القاهرة قوله :
" إن الظروف الطبيعة التي تؤدي إلى تكوين المُزن – السحاب - ، ونزول المطر : لا يمكن أن يصنعها البشر ، بل وحتى لا سبيل إلى التحكم فيها ، ولا يزال موضوع " المطر الصناعي " - ليس مطراً صناعيّاً ، لأن المطر لا يصنعه الإنسان في المعمل ، وإنما هو مطر يستحث الإنسان نزوله - واستمطار السحب العابرة : مجرد تجارب ، لم يثبت نجاحها بعدُ ، وحتى إذا ما تم نجاحها : فإن من اللازم أن توفر الطبيعة الظروف الملائمة للمطر الطبيعي حتى يمكن استمطار السماء صناعيّاً ، أي : إن واجب علماء الطبيعة الجوية لا يتعدى قدح الزناد فقط " انتهى .
"توحيد الخالق للشيخ عبد المجيد الزنداني" (ص/223) .

ثالثاً:
فتاوى بعض العلماء فيه :
1. سئل الشيخ عطية صقر رحمه الله :
توصل بعض العلماء إلى إنزال " مطر صناعي " ، فهل يتنافى ذلك مع قول الله تعالى ( وينزل الغيث ) ؟
فأجاب :
" كلنا يعلم أن تكاثف بخار الماء الموجود في السحاب ، أو في الجو عامة يحدث لعوامل ، فينزل المطر أو الندى ، وليس في ذلك مشاركة لقوله تعالى : ( وينزل الغيث ) لقمان/34 ؛ لأن تكوُّن السحاب ، وامتلاء الجو ببخار الماء على هذا النطاق الواسع هو صنع الله بالوسائط الذي خلقها ، فهو الخالق للبخار ، ولحرارة الشمس ، والمتحكم في برودة الجو ، وكذلك في الرياح ، وسوقها للسحاب ، وبقدرته أن يتحكم فيها فلا تنتج أثراً ، كما قال سبحانه : ( ألم تر أن الله يزجى سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء ) النور/43 .
إن العمليات التي يحاول بها بعض الناس إسقاط المطر من السحاب لها نظائر في نطاق ضيق ، في عمليات فصل الملح عن الماء ليصير عذباً ، فهي تدور على التبخير ، والتكثيف ، كما يحدث في " الأنبيق " الذي تستخرج به العطور ، وليس عملهم هذا تدخلاً في صنع الله ، بل هو تصرف واستخدام للمادة التي خلقها الله ، ولا يمكن لأحدٍ أن يخلق الحرارة ، أو البرودة ، أو الماء بوسائط ، أو مواد غير ما أوجده الله في الكون .
ومع ذلك فالمحاولات لا تغني ؛ لأن كثيراً من بلاد هؤلاء العلماء تشكو الجفاف ، وقلة الماء ، وهلاك الزرع ، والحيوان ، فلو أمكنهم التحكم في المطر ، والماء ، والريح - كما يتحكم الله ليُغاثوا من القحط - : ما سكتوا ، فقدرة الله فوق قدرتهم ، وإرادة الله فوق إرادتهم ، كما أن مداواة المريض بمواد خلقها الله : لا تبرر إسناد الشفاء الحقيقي إلى غير الله .
وإلى جانب عجزهم عن الإغاثة من القحط : عجزوا عن دفع ما يقع من العواصف ، والصواعق ، والسيول ، والزلازل ، والبراكين على بلاد المتحضرين ، المزهوين بعلومهم ، واختراعاتهم ، كل ذلك يزيدنا إيماناً بقوله تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد . إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد . وما ذلك على الله بعزيز ) فاطر/15-17 " انتهى .
" فتاوى الأزهر " ( 7 / 405 ) - ترقيم " الشاملة " - .
2. وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" ما يسمَّى بـ : " المطر الصناعي " : لم يثبت - حسب علمنا - أنه على ما يُذكر عنه ، بل الأمر مبالغ فيه ، وأمره - والحمد لله - لا يشكل ؛ وذلك أن الله أطلعهم على أن المطر يُحدث بقدرة الله بتفاعل أشياء ، فهم يعمدون إلى عملها ، وقد يحدث حصول بعض الأمر ، وقد لا يحدث ، وإن حدث : فهو في حيِّزٍ ضيق ، وليس كالمطر الذي ينزله الله تعالى من السحاب ، ولذا نعلم - كما يعلم غيرنا - أن الدول التي تعمد إلى تجربة ما يسمى بـ : " المطر الصناعي " لا تستفيد منه ، وإذا لم ينزل الله تعالى عليها المطر من السماء عاشت في قحط وفقر " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" المجموعة الثانية (1/241) .
والخلاصة :
1. بداية اكتشاف ما يسمى " المطر الصناعي " بدأ عام 1946 م ، ولو أنهم أفلحوا ونجحوا في ادعاءاتهم لصارت الأرض قطعة خضراء ، ولما اشتكت دولة من قحط ، ولا عانت من جفاف ، فكل ما في الأمر أنها تجارب .
2. حتى ما يدعونه فإنهم لا يستطيعون القيام به إلا مع وجود السحاب الذي خلقه الله تعالى ، وإلا مع وجود الإمكانية التي جعلها الله تعالى فيها أنها ينزل الماء منها ، وكذا ما يتعلق بالظروف الأخرى التي يحتاجها السحاب لذلك الإنزال .
3. ما يصل إليه الشرق والغرب من العلم ما هو إلا بتسهيل الله وتعليمه ، ولن يكون لأحد قدرة فوق قدرة الله ، ولا علم من غير تعليم الله له .
4. الماء الذي يدعون إنزاله بالاستمطار لو أنه ثبت يقيناً : فلا يمكن أن يكون إلا بإذن الله ، ولو شاء الله أسقط طائراتهم ، ولأرجع مدافعهم عليهم ، ولأجرى السحاب حيث شاء سبحانه ، أو لأمسك ما فيها أن ينزل ، وإذا كان الغرب الكافر لا يعي هذا : فإنه لا يجوز أن يغيب هذا عن ذهن المسلم ولا للحظة واحدة .
ويشبه هذا : إنبات الزرع – أو التلقيح الصناعي كما ذكره السائل - ، فالله تعالى أخبر أنه هو الذي يُنبت الزرع ، ويخرج الثمار ، وما يفعله بعض المزارعين من وضع المواد الكيميائية ، أو الطبيعية لسرعة الإنبات لا يعني مخالفة ما في القرآن ، بل إن الله تعالى قد مكنهم من هذا ، وعلمهم إياه ، وقد يكون فيه الضرر ، كما في استعمال المواد الكيميائية ، وقد يكون فيه النفع ، كاستعمال المواد الطبيعية .
5. الماء الذي تكفَّل الله تعالى بإنزاله من السحاب هو " الغيث " ، وكذا سماه تعالى في آية الغيبيات الخمسة ( وَيُنزِّل الغَيْثَ ) ، وهو الذي يغيث الله تعالى به البلاد والعباد ، وتكون منه الجداول والواحات ، وهو الذي يُنبت الله به الزرع ، وتمسك الأرض ما يشاء الله منه في باطنها ، وأما ما يزعمون أنه ينزل من السحاب بالاستمطار : فليس هو ماء الحياة ، بل هو – كما سماه بعضهم – " ماء الوهم " ، بل هو " ماء الضرر " كما سبق بيانه .
6. لا ينبغي للدول الإسلامية أن تتبع دعايات الشركات التجارية ، والأبحاث المزورة ، وليكن الأمر منهم على واقع مشاهد في بلاد تلك الشركات ، والتي لو صدقت ادعاءات شركاتها لحولوا صحاريهم إلى جنان .
7. لا ينبغي للمسلم أن يغفل عن " صلاة الاستسقاء " فإنها هي " الاستمطار " الحقيقي ، وقد ثبت في صحيح السنَّة أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى ربه وليس في السماء سحابة كبيرة ولا صغيرة ، ثم جاء الله تعالى بالسحب المحملة بالغيث ، فأغاث الله تعالى بها البلاد والعباد ، وما يزعمه هؤلاء فإنهم يؤكدون أنهم لا يمكنهم " الاستمطار " إلا بوجود سحاب ! فأي الأمرين أحق بأن يسمَّى استمطاراً ؟ وأي الفريقين أصدق قيلاً ؟ .

والله أعلم



المصدر

https://islamqa.com/ar/ref/119296


يتبعأرجوعدم الرد حتى يكتملالموضوع


  #4  
قديم 2009-11-02, 12:12 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

استمطار السحاب

د. عبدالله بن عمر السحيباني
المقدمة:
دعت الكميات الكبيرة من السحب التي تمر فوق المدن والقرى المختلفة، في أوقات كثيرة من العام دون سقوط مطر، دعت الإنسان إلى التفكير في إيجاد طرق ممكنة لاستمطار هذه السحب، وجلب خيراتها، وهذا العمل يسميه العلماء المختصون بالاستمطار، والمطر الناتج عنه يسمى بالمطر الاصطناعي(1).
وقبل أن أذكر الحكم الشرعي لمثل هذا العمل، وما يمكن أن يقترن به من محذورات، لا بد أن أشير إلى ما يذكره العلماء المختصون في معنى الاستمطار ومفهومه، وبيان المقصود منه، والطرق العلمية التي يذكرها المختصون لتمطير السحب، لذا سوف يكون عرض ما يحتويه هذا الفرع كالتالي:
أولاً: مفهوم الاستمطار، والمقصود منه، والطرق العلمية للاستمطار.
ثانياً: الحكم الشرعي للاستمطار.
مفهوم الاستمطار:
أما مفهوم الاستمطار: فهو محاولة إسقاط الأمطار من السحب الموجودة في السماء، سواء ما كان منها مدراً للأمطار بشكل طبيعي، أم لم يكن كذلك.
ويمكن أن ندرج تحت هذا المفهوم أية عملية تهدف إلى إسقاط الأمطار بشكل صناعي، بما في ذلك محاولات تشكيل السحب صناعياً، وتنمية مكوناتها(2).
ويقصد من الاستمطار أحد أمرين:
1- تسريع هطول الأمطار من سحب معينة، فوق مناطق بحاجة إليها، بدلاً من ذهابها إلى مناطق لا حاجة بها إلى الماء، لظروفها الطبيعية الملائمة للإدرار الطبيعي.
2- زيادة إدرار السحابة عما يمكن أن تدره بشكل طبيعي(3).
وأما الطرق العلمية للاستمطار:
فمن أكثر طرق استمطار السحب شيوعاً ما يلي:
1 - رش السحب الركامية المحملة ببخار الماء الكثيف، بواسطة الطائرات، برذاذ الماء ؛ ليعمل على زيادة تشبع الهواء، وسرعة تكثف بخار الماء، لإسقاط المطر، وهذه طريقة تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء.
2 - قذف بلورات من الثلج الجاف (ثاني أكسيد الكربون المتجمد)، بواسطة الطائرات في منطقة فوق السحب؛ لتؤدي إلى خفض درجة حرارة الهواء، وتكون بلورات من الجليد عند درجة حرارة منخفضة جداً، لتعمل على التحام قطرات الماء الموجودة في السحب وسقوطها كما في حالة المطر الطبيعي.
3 - رش مسحوق إيود الفضة (agj) بواسطة الطائرات، أو قذفه في تيرات هوائية صاعدة لمناطق وجود السحب، ويكون ذلك باستخدام أجهزة خاصة لنفث الهواء بقوة كافية إلى أعلى، ويعد إيود الفضة من أجود نويات التكاثف الصلبة التي تعمل على تجميع جزيئات الماء، وإسقاطها أمطاراً غزيرة على الأرض(4).
الحكم الشرعي للاستمطار:
يعتبر الاستمطار بالمفهوم المتقدم من القضايا المستجدة في هذا العصر، الذي استطاع فيه الإنسان -بما سخر الله له- أن يصل إلى السحب في السماء، ويطير فوقها، ويبحث في مكوناتها، مما جعله يفكر في مثل هذا التصرف، لعله يستطيع أن يتصرف تصرفاً لم يسبق إليه، يدفعه لذلك الحرص على نفع نفسه، بما وهبه الله من مقدرات ومما أعطاه من هبات.
والحقيقة أن مثل هذا العمل لا يظهر فيه محذور أو مانع شرعي، إذ الأصل أن كل ما في هذا الكون من مسخرات مباحة للإنسان، فهي تحت تصرفه، يفعل بها ما يشاء، ما دام أن عمله داخل تحت دائرة المباح، الذي لم يرد النص أو الدليل العام أو الخاص بالمنع منه، ويشهد لذلك قول الله سبحانه وتعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً" [البقرة:29]، وقوله سبحانه: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ" [الأنعام:165].
لكن يذكر بعض علماء البيئة من الباحثين في علم الاستمطار: إنه من خلال التجارب التي أجريت في مجال زيادة الأمطار فإن النتائج كانت في أغلبها سلبية، وأخفقت العديد من المشاريع خاصة مشاريع بذر السحب، بحيث لم تحقق الهدف الذي تبتغيه، بل كانت النتيجة معاكسة، وهي حدوث تناقص في الهطول، وكانت نسبة التناقص في العديد من المشاريع تفوق نسبة الزيادة المعتادة والمتوقعة قبل إنجاز المشروع(5).
لذا يعد التحكم في معدل سقوط المطر الاصطناعي، ومكان سقوطه، من أهم المشكلات التي تواجه العلماء المختصين في مجال علم الأرصاد، كما أن عمليات إسقاط المطر لا تزال غير اقتصادية ومكلفة، ولذا لم تخرج إلى حيز التنفيذ الميداني إلا على شكل تجارب بحثية بهدف الدراسة(6).
ولذلك يرى بعض الباحثين أنه لا فائدة من الاستمطار، بل إنه يجر إلى مشكلات سياسية واقتصادية، ومما يذكره علماء البيئة من السلبيات أو المضار لهذا العمل ما يلي :1- أن التكنولوجيا ما زالت غير متطورة تماماً، وهذا مما يجعل النتائج غير مضمونة .
2- الصعوبات في تقييم النتائج، حيث يتطلب جمع معلومات موثوق بها وقتاً طويلاً، (خمس سنوات على الأقل) .
3- أن تلك العمليات تعتمد على الأحوال الجوية، وتتوقف فيها النتائج على ما يمكن أن يكون في الجو من ظروف وتغيرات .
4- المشكلات السياسية ( الحقيقية والتخمينية )، فبعض البلدان قد تتطلب المطر أكثر من غيرها، وقد تتهم بعض الدول التي تجري مثل هذه العمليات باختلاس الموارد الطبيعية من الرطوبة الجوية(7).
وعلى هذا فيرجع بعض علماء البيئة السبب في عدم التقدم في مجال الاستمطار، أو ما يسميه البعض بعلم زراعة الغيوم إلى الأسباب الاقتصادية والسياسية(8).
ثم في المشروعات التي كانت فيها نتائج الاستمطار إيجابية، وأعطت من خلال الإحصائيات تزايداً في هطول الأمطار لابد من طرح هذا السؤال:
هل تعود نسبة الزيادة في الكميات التي تمت فيها تجارب الاستمطار إلى فعل الاستمطار ؟ أليس لقدرة الله سبحانه وتقديره دور في ذلك ؟(9).
وهل تساوي التكاليف والنفقات التي احتاجتها تلك العمليات ما نتج عنها من ثمرات، أم أن التكاليف تفوق تلك النتائج بكثير؟، مما يعني زيادة العبء الاقتصادي على الدولة التي تتبنى مثل هذا العمل.
ثم ما يدريهم أن الكمية المتوقعة قبل التجربة كذا وبعد التجربة كذا، لاشك أن هذا تخمين وظن لا يستند في الواقع على أي دليل، بل قد ورد الدليل الشرعي على أن ما ينزل من السماء من مطر فهو بأمر الله وبقدرته، وأنه مقدر من عند الله، وليس للناس فيه أدنى عمل أو تصرف، يقول الله سبحانه: "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" [الحجر:21]، ويقول -جل جلاله-: "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ" [المؤمنون:18]، ويقول سبحانه: "وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ" [الزخرف:11].
وإذا كان نزول المطر بأمر الله وحده، وهو من علم الغيب الذي استأثر الله به كما في قوله سبحانه : "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ"[لقمان:34]، فالله هو المنفرد بإنزال المطر، وهو الذي يعلم وقت نزوله (10)، إذا كان الأمر كذلك، فقد شرع الله لعباده المؤمنين أمراً هو أرجى من محاولات الاستمطار التي لم يثبت نجاحها، ألا وهو دعاءه سبحانه، وطلب السقيا منه، فالمطر من فضل الله ورحمته، الذي يستجلب بدعائه والتضرع إليه سبحانه، ولقد أصاب الناس على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- قحط، وتأخر نزول المطر عنهم، فطلبوا منه –صلى الله عليه وسلم- سؤال ربه الغيث، فأجابهم لذلك، كما روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: أصابت الناس سَنة على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- فبينا النبي –صلى الله عليه وسلم- يخطب في يوم جمعة قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره، حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته –صلى الله عليه وسلم-، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى " الحديث(11).
كما ثبت أيضاً: " أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس يستسقي, فصلى بهم ركعتين وحوّل رداءه , ورفع يديه , فدعا واستسقى, واستقبل القبلة" (12).
وإلى ما ورد في هذا الحديث وما شابهه من الأحاديث والآثار عن الصحابة ومن بعدهم ذهب أكثر الفقهاء، فنصوا على مشروعية صلاة الاستسقاء إذا أجدبت الأرض وتأخر نزول المطر، فيخرج الناس مع الإمام، كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه من بعده(13).
وقد جاء في القرآن التذكير بأن نزول المطر وغيره من البركات، يكون بطاعة الله سبحانه واستغفاره، ومن ذلك قوله سبحانه على لسان هود عليه السلام: "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ" [هود:52]، وقوله سبحانه على لسان نوح: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً"[نوح:10-11] .
هذا هو الأولى بالناس والمشروع لهم عند حاجتهم إلى المطر، أن يلجئوا إلى الله ويتوبوا إليه، ويكثروا من الاستغفار والعمل الصالح، يقول سبحانه : "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" [الأعراف:96].
هذا هو حكم الاستمطار - فيما يظهر لي – أنه لا بأس به ولا مانع منه، وإن كان الأولى عدمه، خاصة عند التحقق من عدم فائدته أو ثمرته، فإن المجازفة في ذلك قد تكلف أموالاً طائلة، وأوقاتاً طويلة، لو صرفت في غير ذلك مما هو نافع كان أولى.
ومع أن الأصل في مثل هذا العمل هو الجواز والإباحة، إلا أن هذا العمل قد يقترن به بعض المحاذير التي لا بد من التنبيه عليها، ومن ذلك مثلاً اعتقاد من يقوم بهذا العمل، أو غيرهم من عموم الناس أن المطر وجد بهذه الأسباب ولولاها لم يوجد، فالمحذور هو نسبة المطر إلى تلك الأفعال: لأن الله سبحانه هو المنفرد بالخلق والإنشاء، فلا يصح أن ينسب نزول المطر لفعل أحد من الناس كائناً من كان، كما لا يصح نسبة نزول المطر للكواكب والنجوم أو غيرها مما هو تحت تصرف العزيز الحكيم، ولذا جاء الحديث بالتنبيه على هذا المعنى، لأجل حماية معتقدات الناس وسلامتها مما قد يشوبها من شوائب الشرك، فعن زيد بن خالد الجهني –رضي الله عنه- قال : صلى بنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب, وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب" (14).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الله الغيث، فيقولون : الكوكب كذا وكذا وفي حديث المرادي بكوكب كذا وكذا"(15).
ومعنى الحديث كما ذكر الإمام الشافعي وغيره: "أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله، لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا فذلك كفر، كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لأن النوء وقت, والوقت مخلوق لا يملك لنفسه, ولا لغيره شيئاً, ولا يمطر, ولا يصنع شيئاً"(16).
يقول ابن عبد البر: "فإن المعتقد أن النوء هو الموجب لنزول الماء، وهو المنشئ للسحاب، دون الله عز وجل، فذلك كافر كفراً صريحاً، يجب استتابته عليه، وقتله، لنبذه الإسلام، ورده القرآن"(17).
وقال ابن عباس وغيره من السلف في قول الله عز وجل "وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ"[الواقعة:82]: هو الاستمطار بالأنواء(18).
فهذه الآية بيان أن ما أصاب العباد من خير فلا ينبغي أن يروه من قبل الوسائط التي جرت العادة بأن تكن أسباباً، بل ينبغي أن يروه من قبل الله تعالى، ثم يقابلونه بشكر إن كان نعمة، أو صبر إن كان مكروهاً، تعبداً له وتذللاً(19).
وقد نبه الباري سبحانه على هذا المعنى في آيات كثيرة من كتابه، فمن ذلك قوله عز وجل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" [فاطر:3].
وقد بين العلماء أن المحذور في ذلك هو إضافة نزول المطر إلى تلك الأسباب، أما لو جرت العادة بنزول المطر عند نوء من الأنواء، فاستبشر أحد لنزوله عند ذلك النوء، على معنى أن العادة جارية به، وأن ذلك النوء لا تأثير له في نزول المطر، ولا هو فاعل له ولا أثر له فيه، وأن المنفرد بإنزاله هو الله تعالى، لما كفر بذلك, وكذا لو استبشر منتظر المطر إذا رأى الريح التي جرت عادة ذلك البلد أن يمطروا بها، مع اعتقاده أن الريح لا تأثير لها في ذلك، ولا فعل ولا سبب، وإنما الله تعالى هو المنزل للغيث، وقد أجرى العادات بإنزاله عند أحوال يريها عباده(20).
وبهذا يعلم أن المنهي عنه هو نسبة المطر إلى شيء من تلك الأفعال على أن لها تأثيراً وفعلاً مع فعل الله سبحانه، أما لو نسب نزول المطر إلى ما جرت العادة بأنه ينزل عنده فيقال هذه الريح أو هذا الوقت أو هذا الفعل قد يوجد عنده المطر، وأن تلك الأمور غير مستقلة به من دون قدرة الباري سبحانه وإرادته فهذا لا بأس به.
وقد تكاثرت النصوص القرآنية الدالة على أن إنزال المطر من السماء من أعظم الأدلة الدالة على قدرة الباري سبحانه، وانفراده بالخلق والتدبير(21).
يقول أبو بكر الجصاص(22): وأما دلالة إنزاله الماء على توحيده فمن قبل أنه قد علم كل عاقل أن من شأن الماء النزول والسيلان، وأنه غير جائز ارتفاع الماء من سفل إلى علو إلا بجاعل يجعله كذلك، فلا يخلو الماء الموجود في السحاب من أحد معنيين: إما أن يكون محدث، أحدثه هناك في السحاب, أو رفعه من معادنه من الأرض والبحار إلى هناك، وأيهما كان فدل ذلك على إثبات الواحد سبحانه، الذي لا يعجزه شيء، ثم إمساكه في السحاب غير سائل منه، حتى ينقله إلى المواضع التي يريدها بالرياح المسخرة لنقله فيه، أدل دليل على توحيده وقدرته , فجعل السحاب مركباً للماء، والرياح مركباً للسحاب، حتى تسوقه من موضع إلى موضع، ليعم نفعه لسائر خلقه، كما قال تعالى : "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ" [السجدة:27]، ثم أنزل ذلك الماء قطرة قطرة لا تلتقي واحدة مع صاحبتها في الجو، مع تحريك الرياح لها حتى تنزل كل قطرة على حيالها إلى موضعها من الأرض , ولولا أن مدبراً حكيماً عالماً قادراً دبره على هذا النحو، وقدره بهذا الضرب من التقدير، كيف كان يجوز أن يوجد نزول الماء في السحاب مع كثرته، وهو الذي تسيل منه السيول العظام على هذا النظام والترتيب؟ ولو اجتمع القطر في الجو وائتلف، لقد كان يكون نزولها مثل السيول المجتمعة منها بعد نزولها إلى الأرض، فيؤدي إلى هلاك الحرث والنسل وإبادة جميع ما على الأرض من شجر وحيوان ونبات, وكان يكون كما وصف الله تعالى من حال الطوفان في نزول الماء من السماء في قوله تعالى: "فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ" [القمر:11]، فيقال إنه كان صباً كنحو السيول الجارية في الأرض، ففي إنشاء الله تعالى السحاب في الجو، وخلق الماء فيه، وتصريفه من موضع إلى موضع، أدل دليل على توحيده وقدرته(23).
---------------------------------------
(1) مجلة العلوم والتقنية العدد الثاني عشر ص18.
(2) الاستمطار، د/علي موسى ص 58، وتعرف السحب علمياً بأنها: عبارة عن أجسام سماوية مرئية، مؤلفة من تجمع من قطيرات مائية أو بلورات جليدية أو كليهما معاً، تسبح في الطبقة الجوية الأولى من طبقات الغلاف الجوي، وتبدو تلك الأجسام بأشكال متنوعة، وأحجام مختلفة، وألوان متباينة. الاستمطار ص 9.
(3) الاستمطار ص 6.
(4) تلوث البيئة د/ شفيق يونس ص 31، مجلة العلوم والتقنية العدد الثاني عشر ص18، ويعتبر استخدام الطائرات الأسلوب الأكثر فعالية، ويذكر العلماء المختصون أنه يمكن استخدام صواريخ أرض جو يتم ضبطها والتحكم بها آلياً من على سطح الأرض، وقد قام العلماء الروس بتطوير صواريخ خاصة بذلك وقنابل محملة بمواد البذر التي تدفع بسرعة إلى السحب، كما يمكن استخدام رشاشات أرضية، ومحطات يتم فيها حرق المواد التي تتصاعد نحو السحابة المراد استمطارها.راجع كتاب: الاستمطار94 -113.
(5) يرجع بعض الباحثين في تلك التجارب السبب في انخفاض نسبة الهطول المطري عن الطبيعي إلى ما يلي:
1- البذر المفرط بنوى التجمد الاصطناعية، مما يعمل على إحداث تجمد في كامل الأجزاء العليا من السحابة الشديدة البرودة، وهذا ما يعيق أو يلغي عمليات النمو التراكمي....
2- قلة كمية مادة البذر المستخدمة، وضعف التخطيط والبرمجة الإحصائية .
3- الظروف الجوية، وطريقة وموقع مكان البذر. انظر كتاب: (الاستمطار 165-167).
(6) مجلة العلوم والتقنية العدد الثاني عشر ص18.
(7) تلوث البيئة د/ شفيق يونس ص32، 33.
(8) تلوث البيئة د/ شفيق يونس 32.
(9) يعبر علماء البيئة عن ذلك بقولهم أوليس للصدفة دور في ذلك ؟ (الاستمطار 172)، وهذا من الخطأ إذ لا يجوز أن ينسب شيء للطبيعة أو للصدفة مما هو تحت مشيئة الله سبحانه .
(10) تفسير السعدي 1/653.
(11) أخرجه البخاري بهذا اللفظ في الجمعة باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة 1/315 رقم (891)، وفي مواضع أخرى من صحيحه، ومسلم في الاستسقاء باب الدعاء في الاستسقاء 2/612رقم (895) .
(12) أخرجه البخاري عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم في كتاب الاستسقاء باب تحويل الرداء في الاستسقاء 1/341 رقم (960)، ومسلم في أول كتاب الاستسقاء 2/611 رقم (894) .
(13) وقد نقل النووي في شرح مسلم 6/187 : إجماع العلماء على أن الاستسقاء سنة، وإن اختلفوا هل تسن له صلاة أم لا ؟ . وقد ذهب إلى مشروعية صلاة الاستسقاء وسنيتها سائر العلماء من السلف والخلف، وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، انظر : المدونة 1/244، المنتقى شرح الموطأ 1/331، الأم 1/282، المجموع 5/69، المغني 3/334، الفروع 2/157، المحلى 3/310، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف لا صلاة في الاستسقاء إنما هي دعاء واستغفار، انظر: المبسوط 2/77، بدائع الصنائع 1/282.
(14) أخرجه مسلم باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء 1/83 رقم (71) .
(15) أخرجه مسلم باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء 1/84 رقم (72) .
(16) الأم 1/418، 419.
(17) التمهيد 16/286.
(18) الجامع لأحكام القرآن 17/228، تفسير القرآن العظيم 4/300، التمهيد 16/291.
(19) الجامع لأحكام القرآن 17/228.
(20) المنتقى شرح الموطأ 1/334، 335.
(21) انظر على سبيل المثال: آية : 21 من سورة الحجر، آية: 18 من سورة المؤمنون، آية : 11 من سورة الزخرف، آية: 49 من سورة القمر، آية: 43 من سورة النور، آية:30 من سورة الملك، آية: 48 من سورة الفرقان، آية: 12 من سورة الرعد، آية: 24 من سورة الروم، آية: 70 من سورة الواقعة، آية: 48 من سورة الروم، آية: 57 من سورة الأعراف.
(22) هو أحمد بن علي، أبو بكر الرازي، المعروف بالجصاص، الفقيه الأصولي المفسّر، انتهت إليه رياسة الحنفية في وقته، وكان فيه ميل إلى الاعتزال، من مؤلفاته: أحكام القرآن، شرح الجامع، شرح مختصر الكرخي، توفي في بغداد سنة 370هـ. انظر: البداية والنهاية 11/297، سير أعلام النبلاء 16/341، الجواهر المضيئة 1/84 .
(23) أحكام القرآن للجصاص 1/145، 146.

  #5  
قديم 2009-11-02, 12:17 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

وهذا جزء من لقاء مع د.زين العابدين السيد رزق عميد معهد البيئة والمياه والطاقة في جامعة عجمان، ورئيس هيئة مكتب رئيس الجامعة والحاصل على كرسي اليونسكو حول البيئة وموارد المياه :

ما مدى جدوى الاستعانة بتطبيقات العلم الحديث في استمطار السحب ؟

حول فكرة استمطار السحب لتوفير مصادر بديلة للمياه، فإنها تبدو فكرة طيبة، نظرياً، ولكن الواقع يقول إنها مكلفة وغير مأمونةالنتائج .


وفي سؤال للدكتور حسين زهدي رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق في مصر بيّن أن عملية الاستمطار ما زالت مجرد مشاريع وأبحاث غير مؤكدة ولا يستطيع العلماء أن يقيّموا النتائج عليها ويثبتوا أن المطر قد زاد بالفعل نتيجة لتدخل الإنسان.

ويستند د. زهدي في صحة رأيه على تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي رفضت مشروع الاستمطار لعدم جدواه, وحذرت الدول الفقيرة من الاندفاع وراء هذا الكلام, لأنه ينطوي على نوع من الاستغلال من قبل الدول الغنية, فالدول الغنية تسعى إلى فتح أسواق تبيع فيها وسائل التكنولوجيا المتعلقة بهذا الموضوع, وتحقيق أعلى مكاسب مادية ممكنة, على أكتاف الدول الفقيرة. وقد أخذت المنظمة هذا الموقف بعد الأبحاث والدراسات التي أجرتها في فترة السبعينيات فوق أسبانيا, ومناطق أخرى من العالم, واكتشفت من خلالها عدم جدوى هذه التجارب.

و من ناحية أخري هذه التجارب مكلفة ماليا وقد تتسبب في جفاف وتصحر مناطق أخري مجاورة لمناطق التجارب.

هذا جزء من ندوة الاقتصادية حول موارد المياة في المملكة العربية السعودية :

الاستمطار الصناعي هل هو مجدٍٍ لنا في المملكة ؟

د /الطخيس: أعتقد أننا قد لا نحتاج إلى هذه التقنية إذا تعاملنا مع مواردنا المائية بعقلانية وسلوك ديني وإنساني.
د/الدخيل: بالنسبة إلى مسألة استمطار السحب، أعتقد أنه أجريت تجربة في الإمارات ولم تكن موفقة.
د/المعتاز: أصف مياه الاستمطار الصناعي بـ "مياه الوهم"، حيث يتم استمطار السحب بنشر نترات الفضة أو غيره على ارتفاعات عالية مما يجعل جسيمات الماء تترابط ومن ثم تتجمع السحب وهذا أسميه ماء وهمياً، لأنه قد لا يتكون على الرغم من الجهود المبذولة لذلك، وحتى لو حدث هذا فقد لا ينزل وإذا سقط فقد يكون متفرقاً أو بعيداً عن المكان المطلوب أكرر أن هذا الأمر من الأوهام ولم ينجح في أي منطقة في العالم، وفي منطقتنا لن ينجح البتة، لأن لدينا ضغوطاً جوية مرتفعة, كما أعتقد أنه لا يوجد في كل مناطق المملكة، بل إنه فشل في الدول ذات الضغوط المنخفضة مثل إسبانيا التي أجرت فيها هذه التجربة مراراً، كما أقول إن الرطوبة هي عامل لتكوين السحب وليست الأساس لتكوينها، تكاثف السحب يتم بآلية صعبة جداً يصعب محاكاتها وإسقاطها في المكان والتوقيت اللذين نريدهما.

وكان المشاركون في الندوة :

د. عبد العزيز سليمان الطرباق أستاذ الهيدرولوجيا ومصادر المياه قسم الهندسة المدنية جامعة الملك سعود بالرياض .
د. علي بن سعد الطخيس وكيل وزارة المياه والكهرباء بالمملكة العربية السعودية لشؤون المياه .
د. عبد الملك بن عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ أمين عام جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز رئيس مشروع الملك فهد لحصد وخزن مياه الأمطار .
د. عبد العزيز بن محمد البسام أستاذ مشارك في كلية العلوم جامعة الملك سعود بالرياض .
د. عبد الرحمن بن محمد الدخيل إدارة وتخطيط مصادر المياه الجوفية عضو هيئة التدريس قسم الجيولوجيا كلية العلوم جامعة الملك سعود بالرياض .
د.إبراهيم المعتاز أستاذ مشارك كلية الهندسة جامعة الملك سعود بالرياض .

توصيات الندوة

1- البحث عن حلول حتمية لتحقيق الأمن المائي أولا ثم الغذائي ثانيا.
2- إيقاف مشروع الاستمطار الصناعي واستبدال تقنيات أكثر فائدة بها.
3 - التوسع في مشروع حصد وخزن مياه الأمطار وتطوير تقنياته للنتائج العظيمة التي حققها في وقت وجيز.
4- التوسع في بناء السدود في كل مناطق المملكة والعمل على تخزين مياه الأمطار في باطن الأرض.
5- تنويع وتطوير كل مصادر المياه لتخفيف استنزاف المياه الجوفية
6- استنباط أصناف زراعية تستهلك مياها أقل وتعميم هذه الأصناف.


ومن ناحية صحية:

نظريات بعض علماء البيئة الذين يرون في هذه التجارب مخاطرة كبرى حيث الاحتمال الوارد بأن تحمل قطرات المطر مواد كيماوية قد تتسبب ببعض الأضرار العضوية في الطبيعة أو في الانسان، الأمر الذي يجعل العلماء يتحفظون بشكل كبير في هذا الخصوص ويحرصون على عدم الاندفاع في هذه التجربة قبل أن يتم التأكد من سلامتها على طبقة الأرض وعلى الحياة العامة.

نسبة الأمطار

إحدى المعلومات التي يعطينا إياها القرآن الكريم عن المطر هو أنه ينزل من السماء إلى الأرض بقدر و هذه الحقيقة مذكورة في سورة الزخرف كما يلي : قال تعالى : (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ {18}[ سورة المؤمنون : 18].

هذه الكمية المحسوب من المطر اكتشفت مرة أخرى من خلال الأبحاث الحديثة ، وتقدر هذه الأبحاث أنه في الثانية الواحدة يتبخر من الأرض تقريباً 16 مليون طن من الماء و هذا يعني أن الكمية التي تتبخر في السنة الواحدة تبلغ 513 تريليون طن من الماء . هذا الرقم مساو لكمية المطر التي تنزل على الأرض خلال سنة . وهذا يعني أن المياه تدور دورة متوازنة و محسوبة عليها تقوم الحياة على الأرض ، و حتى لو استعمل الناس كل وسائل التكنولوجيا المتوفرة في العالم فلن يستطيعوا أن يعيدوا إنتاج هذه الدورة بطريقة صناعية . و بمجرد حدوث خلل بسيط في هذه المعادلة سوف يؤدي ذلك إلى خلل بيني ينهي الحياة على الأرض . و لكن ذلك لا يحدث أبداً و في كل عام تنزل نفس الكمية من الأمطار تماماً كما يذكر القرآن الكريم .

المرجع : معجزة القرآن الكريم تأليف هارون يحيى .



في الجانب الشرعي
هذا جزء من محاضرة بعنوان :

إلى الذين يحادون مفاتح الغيب
باسم العلم الحديث
لفضية الشيخ عبد الفتاح عشماوي المدرس بالمعهد الثانوي بالجامعةالإسلامية

(و ماذا عن الخصوم الذين يحادون هذا المفتاح من الغيب باسم (العلم الحديث) ؟ لقد أذاعوا بأنهم استطاعوا أن يصنعوا المطر، ويوجدوه وينزلوه إذا شاءوا، ويجمدونه ويمنعوه إذا شاءوا، واشترك إعلامنا العزيز أيضا كنعيق الغربان يحكي أضاليل أعداء الإسلام، من أن العلم الحديث في أوروبا استطاع التحكم في المطر ، وصرنا نقرأ - لمدة طويلة - العناوين الضخمة في صحافتنا، ونسمع أصوات الببغاوات المرددة في إذاعتنا، عن المطر الصناعي الذي أصبح لا يخشى معه على العالم من قلة الماء، وندر من تصدى للرد على هذا التجرُّؤ الوقح على ما انفرد به الله وحده، ونحن الموقنين رحنا في ثقة نسخرمن عقل المتخرصين سائلين: لماذا إذن لجأتم إلى بحار الله الملحة، متحايلين بكل وسيلة لتأخذوا عذبها وتدعوا ملحها ؟ فأين مطركم الصناعي الذي يوفر عليكم هذا العناء البالغ لفصل الملح عن العذب ؟ أو تسلطوا مدافعكم على سحاب الله لتسقطوه ؟ فلا للمطر صنعتم ولا للسحاب أسقطتم ).انتهى


قال تعالى(إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) لقمان

قال تعالى :(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لايَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ)

قال الله تعالى: {وإن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فلا كاشفَ له إلاَّ هوَ وإن يُرِدْكَ بخيرٍ فلا رادَّ لفضلهِ يُصيبُ به من يشاءُ من عبادهِ وهو الغفورُ الرَّحيم)

قال الله تعالى : (ان فى خلق السماوات و الارض و اختلاف الليل و النهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس و ما انزل الله‏ من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها و بث فيها من کل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين ‏السماء والارض لآيات لقوم يعقلون)

وقوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)

وفي الحديث

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏‏ ‏رضي الله عنه
عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ( ‏ ‏ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ينزل الله الغيث فيقولون الكوكب كذا وكذا ‏)
وفي حديث ‏ ‏المرادي ‏ ‏بكوكب كذا وكذا ‏ رواه مسلم

عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏رضي الله عنه ‏
أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏(مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله) ‏رواه البخاري

وقال الشاعر

فقلت للفكر لما صار مضطربا.......وخانني الصبر والتفريط والجلد

دعها سماوية تمشي على قدر........لا تعترضها بأمر منك تـنفسد

فحفني بخفي اللطف خالقنا........ نعم الوكيل ونعم العون والمدد


قد يقول قائل ان هذا لايمنعنا من السعي وطلب المطر والمساعدة في نزوله .

نرد على ذلك بـ :

1- الله سبحانه وتعالى قد اختص بعدة امور فمثلا الروح نجد الغرب يبحث فيها وفي كنهها بينما نحن كمسلمين يكفينا قوله تعالى (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) افلا نقول لمن يبحث في الروح انه خسارة وقت وجهد ومال بلا فائدة .

2- لايعلم على وجه الدقة بعد عملية الاستمطار مكان نزول المطر فربما نستمطره نحن وبأموالنا فينزل المطر على ايران وكذلك لايعلم الكمية التي ستنزل من جراء الاستمطار فربما تزيد الكمية لتكون ضارة.

كل ماسبق يمثل وجهة النظر الأقرب الى نفسي والحقيقة أخذ مني هذا البحث جهد كبير وربما يكون هناك آراء أخرى اقرب الى الحق لذلك اتمنى أن يكون النقاش للبحث عن الحق وليس تعصبا كما قال احدهم (كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر) أسال الله أن يحيينا على الحق وأن يميتنا عليه .

سبحان الله وبحمده

  #6  
قديم 2009-11-02, 12:38 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

الاستمطار في الاسلام
ياسين محمد الغادي

د. ياسين محمد الغادي
السبت 2 / صفر / 1429 هـ

(*)حكم الاستمطار في الإسلاممقدمة:جرب الإنسان وما زال استخدام قدراته ومهاراته على الأرض، فأفلح وقطع شوطاً بعيداً من الاكتشافات في هذا المضمار، وطور الإنسان نفسه، ليقدم أكثر فأكثر، فحلق في أجواء الفضاء، وصعد إلى عنان السماء، ليكتشف مجاهليهما، وبمرور الزمن تجمعت لديه معارف ومعلومات عن الفلك والطبيعة والكيمياء والرعد والبرق والسحب والغيوم والمناخ... إلخ.ثم اتسعت مدارك هذا الإنسان فبدأ يسعى إلى تحقيق مشاهداته وطموحاته الكثيرة، بعد أن صاغها في قوانين وقواعد ثابتة للحصول على مزيد من النصر على الطبيعة، والعوالم الأخرى، فكانت تجربته – هذه المرة – مع المجرات والأقمار والكواكب، وهكذا نسمع كل يوم جديداً في عالم الفضاء الخارجي والكواكب والمجرات التي يظلها كون فسيح رحب.هذا ولأن الكون كله مجال لإبداع الإنسان ونشاطه – والفضاء جزء من هذا الكون – زاد اهتمامي بالفضاء، حتى استثارتني فكرة السحب والغيوم التي تحمل معها الأمطار لتنهمر على الأرض مدراراً، فيحصل بها النماء والمعاش للإنسان والحياة والزرع والضرع وكل شيء، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (الأنبياء: من الآية30)، وقال عز من قائل: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) (فاطر: من الآية9).

[font='tahoma','sans-serif']جرب الإنسان وما زال[/font][font='tahoma','sans-serif']استخدام قدراته ومهاراته على الأرض، فأفلح وقطع شوطاً بعيداً من الاكتشافات في هذا[/font][font='tahoma','sans-serif']المضمار، وطور الإنسان نفسه، ليقدم أكثر فأكثر، فحلق في أجواء الفضاء، وصعد إلى[/font][font='tahoma','sans-serif']عنان السماء، ليكتشف مجاهليهما، وبمرور الزمن تجمعت لديه معارف ومعلومات عن الفلك[/font][font='tahoma','sans-serif']والطبيعة والكيمياء والرعد والبرق والسحب والغيوم والمناخ[/font]

ثم زاد تعلقي بفكرة الموضوع عن السحب والغيوم وطريقة حملهاللأمطار عندما تكون متبلدة وكثيفة فتحدث غزارة في الأمطار، وكيف أنها عندما تكونخفيفة عادية يقل مطرها ويضعف، ليكون على شكل قطرات أو رذاذ بسيط[font='tahoma','sans-serif'].[/font]
[font='tahoma','sans-serif']
[/font]

ثم راودتنيفكرة تتعلق بالموضوع حيرتني ووقفت عندها طويلاً تتعلق بالسحب أبسطها على صيغة سؤال،وهي:
هل صحيح أن الإنسان استطاع بعقله وفكره أن يستمطر السحب صناعياً؟
وبتعبير آخر
هل استطاع الإنسان أن يتعامل مع السحب فيزيد في الأمطار أو ينقص منها متى شاءوكيفما شاء؟ فإذا كان هذا ممكناً فكيف؟ وإلى أي حد؟ وما هي الأدوات والأجهزةوالآلات التي استخدمها لتحقيق ذلك؟ وهل للتعامل مع السحب شروط؟ وما رأي الشريعة فيكل ذلك؟هذا ما سوف أُركز عليه _إن شاء الله_، وأتولى الإجابة عليه وأناقشه[font='tahoma','sans-serif'].[/font]
[font='tahoma','sans-serif']
[/font]

هذا ولأن الموضوع شائك ويحتاج إلى قراءات متعمقة وتحليلات منطقية ووصف
ومقارنات – لأن الكتابات فيه على حد علمي غير موجودة – فسأعتمد على منهج أو عدةمناهج تحقق ذلك، وتفي بالغرض من تحليلي ووصفي واستدلالي، لأن فروع البحث – في بعضجوانبه – تقوم على العلم التصديقي الجازم بقدرة الله _عزوجل_، فمن العبث – والحالةهذه – أن ينهج غير المنهج الاستدلالي، كما أنه في جوانبه الأخرى يعتمد على الوصفوالتحليل فيحتاج إلى المنهج الوصفي والتحليلي المقارن، مقارنة الأدلة ووجهات النظرلنصرة الرأي الذي تأبى أدلته الاندحار[font='tahoma','sans-serif'].[/font]

أهمية الأمطار ونظمها:
المطر – هو بأبسط تعاريفه تلك الحالة التي يتحول فيها بخار الماء من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة في طبقات الجو العليا – له أهمية كبيرة في الحياة، فزيادة على ما ذكرناه في مقدمتنا، فإن أمطار السماء تفيد إلى حد كبير في تكوين الأنهار عند انسياب جزء كبير منها فوق سطح الأرض، وكذلك فإنه يكون مصدر العيون والآبار المتفجرة عند انسياب جزء آخر منه في القشرة الأرضية، ثم إن الجزء الباقي يصعد إلى الجو ليرطبه بواسطة التبخير.


أما عن نظم المطر فتبدو كما يلي:
1 – النظام الاستوائي: ويظهر هذا النظام في الأقاليم الواقعة حول خط الاستواء 5ْ شمالاً إلى 5ْ جنوباً، وتسقط الأمطار فيه خلال العام، فيستمر المطر في السقوط فيها من الصباح وحتى المساء
.
2 – النظام شبه (أو دون الاستواء): يقع هذا النظام على هوامش النظام الاستوائي، ما بين درجتي 5ْ – 8ْ شمالاً وجنوباً، ويسقط المطر حسب هذا النظام عشرة شهور على الأقل.
3 – النظام السوداني: يقع هذا النظام في الأقاليم التي تقع بين خطي عرض 5ْ – 20ْ شمال وجنوب خط الاستواء
.
4 – النظام الموسمي: ويوجد جنوب شرق وشرق آسيا التي تهب عليه الرياح الموسمية المحملة ببخار الماء والأمطار – حسب النظام الموسمي – أشد غزارة من النظام السوداني صيفاً.
5 – النظام الصحراوي: ويوجد في الصحارى المدارية بين خطي عرض 18ْ – 30ْ شمال وجنوب خط الاستواء، ويكاد ينعدم المطر حسب هذا النظام، نظراً لوقوع الصحاري في مهب الرياح التجارية التي تصل إليها جافة، والصحراء الكبرى أقرب مثال على ذلك.
6 – نظام البحر المتوسط: يوجد في غرب القارات بين خطي عرض 30ْ – 40ْ شمالاً وجنوباً، وتسقط فيه الأمطار في فصل الشتاء، ويتمثل هذا النظام في الأراضي المطلة على البحر المتوسط، كما يتمثل في كاليفورنيا، وجنوب غرب أستراليا وإفريقيا.
7 – النظام الصيني: يوجد في شرق القارات بين خطي عرض 30ْ – 40ْ شمالاً وجنوباً، أي في نفس عروض نظام البحر المتوسط.
8 – نظام غرب أوروبا: يوجد بين خطي عرض 40ْ – 60ْ شمالاً وجنوباً على السواحل العربية للقارات كغرب أوروبا وغرب أمريكا.
9 – النظام اللورنسي: يسود هذا النظام في شرق القارات بين خطي عرض 40ْ – 60ْ مثل سابقه، لكن في شرق القارات.
10 – نظم الجهات الداخلية: وهذا النظام يوجد داخل القارات، والأمطار حسب هذا النظام قليلة.
11 – نظام الصحاري الداخلية المعتدلة: ويوجد في الجهات الداخلية من القارات في مجال عروض هبوب الرياح العكسية
.
12 – نظام الجهات الجليدية: يسود هذا النظام شمال القارات من النصف الشمالي من الكرة الأرضية على الخصوص حيث البرودة في المناطق القطبية طوال العام، والمطر نادر بسبب ارتفاع الضغط.هذه هي نظم المطر في العالم، ويبدو تصنيفها كما أوردناه في غاية الأهمية لنتبين ما هي الأماكن وتحت أي النظم يمكن أن يستخدم نظام الاستمطار الصناعي.فأفضل الأنظمة للتعامل مع السحب حال ضعفها هي نظام البحر المتوسط، والنظام الصيني، ونظام غرب أوروبا والنظام اللورنسي، ونظام الجهات الداخلية، أما الأنظمة التي تسقط عليها الأمطار طوال العام أو أقل بقليل كما هو شأن النظامين الاستوائي وشبه الاستوائي، فلا مجال لأن يدرس مفهوم الاستمطار من خلالها، كما أن النظام الصحراوي لا يمكن تصور مبدأ أو مفهوم الاستمطار فيه.

نستخلص من ذلك أن بلادنا التي يشملها نظام البحر المتوسط هي أفضل ما يمكن وصفها بالقابلية للاستمطار في حالة انحباس الأمطار أو في حالة سقوط الأمطار بكميات قليلة.

أنواع الأمطار(2):1- مطر الأعاصير: وهو مطر الرياح العكسية التي تكثر بها الانخفاضات الجوية المسماة بالأعاصير، ومن أمثلتها: أمطار البحر المتوسط، وغرب أوروبا.
2- مطر التضاريس: وهو المطر الذي يسببه اعتراض الهضاب المرتفعة أو الجبال للرياح المحملة ببخار الماء، حيث ترتفع الرياح فوق المرتفعات، فتبرد ويتكاثف ما بها من البخار، فيسقط المطر مثل أمطار الجهات الموسمية.يستفاد من دراسة أنواع الأمطار وتياراتها فيما يتعلق ببحثنا في معرفة قوة الإعصار الذي يؤثر على طائرة الاستمطار إن كان الاستمطار من الجو وكذلك التأثير على محطة الاستمطار الأرضية إن كان الاستمطار من الأرض.

يتتتتتتتتتتتتتتتيع

  #7  
قديم 2009-11-02, 12:51 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

استمطار السحب، والأدلة الشرعية على ذلك، وأنواع وأسباب وشروط الاستمطار، وأدواته وطرقه وأوقاته ونتائجه، وحكم الاستخدام السيئ للاستمطار والأضرار التي تنتج عن ذلك: ويتضمن ما يلي: الأول: مفهوم الاستمطار والأدلة الشرعية عليه: الاستمطار: من استمطر، والمطر الماء المنسكب من السماء، وهو ماء السحاب، والجمع أمطار، يقال: مطرتهم السماء تمطرهم مطراً وأمطرتهم: أصابتهم بالمطر، وهو أقبحها، ومطرت السماء وأمطرها الله، وقد مطرنا، وناس يقولون: مطرت السماء وأمطرت بمعنى، وأمطرهم الله مطراً أو عذاباً(3)، قال تعالى: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) (النمل:58)، وقال سبحانه وتعالى: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود: من الآية82)، جعل الحجارة كالمطر لنزولها من السماء(4)، والممطر والممطرة بوزن المبضع وهو ما يلبس في المطر يتوقى به(5)، والاستمطار: الاستسقاء، قال الفرزدق(6): استمطروا من كل قريش كل مُنْخَدِعِ أما الاستمطار: فهو الاستسقاء، والاستسقاء لغة: هو استفعال من السقيا، والسقيا بضم السين: الاسم من السقي(7)، أي طلب السقي وإعطاء ما يشربه، أنشد أبو طالب عم النبي في مدحه صلى الله عليه وسلم(8): وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل وشرعاً: طلب السقي من الله، لقحط نزل بهم، أو غيره، بكيفية مخصوصة(9)، عند شدة الحاجة، بأن يحبس المطر، ولم يكن لهم أودية وآبار وأنهار يشربون منها، ويسقون مواشيهم وزرعهم، أو كان ذلك، إلا أنه لا يكفي، فإذا كان كافياً لا يستسقى(10)، قال تعالى: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً) (البقرة: من الآية60)، أي جعل بين ظهرانيهم حجراً مربع، وأمر موسى عليه السلام فضربه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، في كل ناحية منه ثلاث عيون(11). يفهم من هذا أن الاستمطار الذي يحمل معنى الاستسقاء جائز وضروري عند انحباس المطر، وبدون سحاب لا يكون؛ لأن السحب هي التي توزع الماء العذب على القارات، ويغذي المطر والثلج والبرد كلاً من العيون والوديان والأنهار والمياه الجوفية، ويتواصل نزول المطر من السحاب على الأرض منذ مليارات السنين، ولكن علم الإنسان بأجمعه غير قادر على أن يوضح سر هذا المطر(12). إذا فهمنا هذا: نقول ليس عندنا من الأدلة القرآنية وغيرها ما يمنع من التعامل مع السحب – لأنها هي التي توزع الأمطار كما أشرنا – بأساليب وطرق علمية مبتكرة تتعلق بشحنها أو تلقيحها بمواد تجعلها تزيد أو تسرع في المطر؛ لأن العملية أولاً وأخيراً هي استمطار أو استسقاء فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وأجمع عليها الفقهاء، لكن مع اختلاف الأسلوب والطريقة حسب الزمان والمكان، وحسب التطورات العلمية التي تشهدها الأجيال، لكن قبل أن نغوص في حيثيات وجزئيات البحث نقرر سلفاً أن استمطار المطر بشحن السحب أو تلقيحها – بوسائل علمية وتكنولوجية مخترعة – لتستمطر لا يعني أبداً تحدي عوالم الله العجيبة، بل تسخير وإعمال لهذه العوالم بموجب المصالح الكثيرة التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها لبني الإنسان وهذه هي الأدلة: أولاً: القرآن الكريم: قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) (النور:43)، وقال عز من قائل: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) (الحجر:22)، وقال سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الأعراف:57)، وقال سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) (فاطر:9). نقول: إن هذه الآيات تعلمنا شيئاً عن العلاقة بين المطر والرياح والسحاب بطريقة علمية، تجعلنا نقترب كثيراً لفهم مبدأ الاستمطار بصورته المبسطة وكيفياته وحكمه، فماء المحيطات والبحار يتبخر بفعل الطاقة الشمسية، أي أن الماء المائع يصبح غازاً لا يرى مثل الهواء، فتحمل الرياح هذا الغاز الساخن وتصعد به إلى الطبقات الجوية العليا، فإذا التقى هذا الغاز بأجسام باردة كجبل مرتفع مثلاً أو رياح باردة في الطبقات العليا من الجو، ترك حرارته ورجع مائعاً على شكل قطرات صغيرة جداً، يكون حجمها جزءاً من ألف من المليمترات تقريباً، فلا تسقط هذه القطرات على سطح الأرض للزوجتها في الهواء بسبب حجومها الصغيرة، ثم تأتي السحب التي فيها مطر – ولكنه ضعيف لا ينزل على الأرض لضعف السحابة – تحملها الرياح، فيتم تلقيح السحابة بواسطة الرياح، وهذا هو اللقاح الأول، ويتم من مزج شيئين أحدهما بارد والآخر ساخن، لكن لا يتحول البخار ماءً بمجرد اتصاله بشيء بارد، بل ينبغي على الرياح أن تحمل معها (مراكز تمييع) وهي قسيمات مجهرية من الغبار الذي تثيره من سطح الأرض إلى السماء، وهكذا يقع تلقيح الهواء، ليصبح سحاباً، وتصبح الرياح بهذه الصفة(13). إن القطرات التي يتكون منها السحاب مشحونة كهربائياً، إما سالبة كلها، وإما موجبة كلها، وإما نصفه الأسفل من نوع كهربائي، ونصفه الأعلى من نوع آخر – وهذه الكهرباء تجعل قطرات السحاب لا تتجمع، بل تدفع بعضها بعضاً – وتحمل الرياح هذا السحاب إلى أن يلتقي إما بسحاب آخر أو جبل، أو أي مرتفع ذي كهرباء مضادة، فتتصل الكهرباء السالبة بالكهرباء الموجبة، فيتكون تلقيح من نوع آخر، وهذا هو النوع الثالث من التلقيح، تكونه الرياح للسحاب، وينشأ عنه البرق ثم الرعد، فيصبح السحاب محايداً لا كهرباء فيه، فتتضخم قطراته بسرعة وتسقط على الأرض في شكل مطر، أو إذا كانت البرودة شديدة، في شكل ثلج، وهذا لا يقع إلا بإذن الله، فهناك سحب لا يسقط منها مطر ولو نشأ الرعد فيها، وهناك سحب صغيرة بدون رعد تنشأ عنها أمطار غزيرة كل ذلك بإذن الله(14). ثم على الوجه الآخر يقول الحق جل وعلا: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) (الرعد:12)، أي ثقيلة قريبة من الأرض بسبب امتلائها بالماء(15)، وقال سبحانه وتعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) (نوح:10-11)، قال الإمام القرطبي في تفسيره: (في هذه الآية دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار)(16)، ولا شك أن الاستغفال هو طريق وواجب أولي للاستمطار، فكيف لو اقترن بفعل على الواقع يتعامل فيه مع السحابة! لأن الرزق سببه المطر أو أن المطر سبب في الرزق، وقال عز من قائل: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) (هود: من الآية52)، أي يرسل السماء بالمطر متتابعاً يتلو بعضه بعضاً(17)، فعلق إرسال المطر بالاستغفار(18)، وقال سبحانه وتعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف: من الآية96)، وقال سبحانه وتعالى: (فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) (الحجر: من الآية22)، وقال سبحانه وتعالى: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً) (البقرة: من الآية60)، وقال سبحانه وتعالى: (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً) (الفرقان:49)، وقال سبحانه وتعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ) (الأعراف: من الآية160)، وقال عز من قائل: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (الشعراء:79). فهذه الآيات تنهض بمجموعها لتؤيد فكرة الاستمطار بالطرق العلمية المبتكرة، فإذا كانت العوالم المخلوقة جميعها مسخرة للإنسان من أرض كذلول، ومن سماء كركوب، ومن فضاء كهبوط وصعود، ومن سحب لتنزيل المطر، فلا داع أن يظن أن هذه الأخيرة أعظم شأناً، وأبعد منالاً كي يتحرج الإنسان من التعامل معها أو الوقوف أمامها موقف العجز والكسل أو الذي لا حول له ولا طول، لا سيما وأن الآيات القرآنية حدثتنا عنها إلى حد بعيد، وبالأخص في مثل النوع الثقيل (السحاب الثقال) القريبة من الأرض التي تعزم على إفراغ حمولتها من المطر، وهذا يعني أن نوعاً أو أنواعاً أخرى بعيدة أو قريبة من الأرض، لكنها غير ثقيلة، فتحتاج إلى تلقيح بقذف بلورات أو مساحيق أو أبخرة – مما استطاع العقل البشري تصنيعه – كمساعد لها في التكاثف والهطول. هذا، وإذا وجدنا من يزعم أننا بعدنا عن الجادة وضللنا الطريق بقولنا: إن السحب تستمطر، والقابلية لشحنها بمساحيق أو بلورات موجودة – مستدلاً بآيات القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة:68-70)، وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان:34) – فنجيب أن هذه فيها دلالة على المؤيدين لفكرة الاستمطار لا الشاجبين، لأن إنزال المطر من مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله وحده، ولا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها، وهذا أولاً. وثانياً: إن كل ما يفعله العالم المجرب والمكتشف للمطر الصناعي هو فقط تجارب على عوالم موجودة ومثبوتة في ملكوت الله عزوجل الواسع، وليس إحداث شيء من العدم، والتجارب إما أن تؤول إلى نجاح أو إلى فشل، فإذا نجحت فذلك شيء علمه الله لمن شاء من خلقه، وإذا فشلت فشيء حجبه الله عمن شاء من خلقه، وفي هذا يقول ابن كثير: (وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله، ولكن إذا أمر الله به علمته الملائكة الموكلون بذلك، ومن يشاء من خلقه)(19)، وبمثل المعنى نفسه يقول ابن عباس: إن بخار الماء لفي نقرة إبهامه (يقصد ملك الرعد الذي يسوق السحاب والموكل به بحيث يصرفه حيث يؤمر)(20). ثانياً: من السنة: عن أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً، ثم قال: يارسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادعُ الله يغثنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا" قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال فطلعت من ورائه سحابة مثل التّرس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادعُ الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال: "اللهم حولنا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر"(21) فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس. فالاستمطار الذي هو استسقاء تم بواسطة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما أن انحسار الماء وتوقفه تم – أيضاً – بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي علّمنا ذلك، وجرى على هذا الخلفاء والأمراء والفقهاء والعلماء وإلى وقتنا هذا. فكلما حز بالمسلمين جفاف أو انقطاع من الأمطار توجهوا إلى الله عز وجل يستسقونه، ويطلبون منه إنزال رحماته وبركاته على الأرض، فما يكاد المسلمون يرجعون من صلوات الاستسقاء وأدعيته إلا وترى الأمطار تنهمر مدراراً. وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج متواضعاً متبذلاً، متخشعاً، فصلى ركعتين، كما يصلى في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه(22). وفي حديث أبي هريرة قال: (خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا الله عز وجل، وحول وجه نحو القبلة رافعاً يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن)(23). وفي حديث عبد الله بن زيد قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي، فحول إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة رافعاً يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن)(24). وفي حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي قال: فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، (ثم صلى لنا ركعتين جهر فيهما بالقراءة)(25). يُفهم من هذه الأحاديث أن فعل الاستسقاء مسنون، ومثله الاستمطار. ثالثاً: من الإجماع: أجمع الفقهاء على جواز الاستسقاء (الاستمطار) مع خلاف بينهم حول بعض تفصيلاته المتعلقة بالصلاة والدعاء وأشخاص الاستمطار وهيئاته وذلك كالتالي: يرى أبو حنيفة – رحمه الله – في ظاهر الرواية: أنه لا صلاة للاستمطار أو الاستسقاء، وإنما فيه الدعاء، وأراد لا صلاة في الاستسقاء: الصلاة بجماعة، أي لا صلاة فيه بجماعة، بدليل ما رواه أبو يوسف أنه قال: سألت أبا حنيفة عن الاستسقاء هل فيه صلاة أو دعاء مؤقت أو خطبة؟ فقال: أما صلاة بجماعة فلا، ولكن الدعاء والاستغفار، وإن صلوا وحداناً فلا بأس به(26). يفهم من كلام أبي حنيفة أن الاستسقاء أو الاستمطار يكتفى فيه بالدعاء، لأنه السبب لإرسال الأمطار، لقوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) (نوح:10-11)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى، ولم يرو عنه الصلاة. وقد رد الحافظ الزيلعي بأن استسقاءه عليه الصلاة والسلام صحيح وثابت، أما أنه لم يرو عنه صلاة الاستسقاء فغير صحيح، بل صح أنه صلى فيه، وليس في الحديث أنه استسقى ولم يصل، بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء، دون ذكر الصلاة، ولا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم وقوعه(27). ويرى الصاحبان وجمهور الفقهاء أن للاستمطار أو الاستسقاء صلاة، وأنها سنة بالاتفاق، وأن الخروج إلى الاستسقاء والبروز عن المصر والدعاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في نزول المطر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما احتيج إليها، صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه رضي الله عنهم، وتكرر ثانياً وثالثاً وأكثر، إن لم يسقوا، حتى يسقيهم الله تعالى، فإن الله يحب الملحين في الدعاء(28). ويرى المالكية للاستمطار أو الاستسقاء صلاة، فإن أمطروا بعد تأهبهم لصلاتها صلوها لطلب سعة، روى أبو مصعب عن مالك: البروز إلى المصلى للاستسقاء لا يكون إلا عند الحاجة الشديدة، ومثل المالكية الشافعية، حيث يجتمع المصلون للدعاء والشكر، ولو سقوا في أثنائها (أي أثناء الصلاة) أتموها جزماً(29). ويرى الحنابلة أنهم إذا أمطروا قبل الخروج للاستمطار لا يخرجون، إنما يشكرون الله على نعمته، ويسألوه المزيد من فضله، لكن إذا خرجوا وأمطروا قبل الصلاة، صلوا شكراً لله تعالى مع التحميد والدعاء (30). ويرى الظاهرية أن الاستمطار أو الاستسقاء دعاء مع صلاة ركعتين(31). يفهم من هذا أن الفقهاء متفقون على التعامل مع السحب والغيوم لاستمطارها بالدعاء والصلاة لله عز جل بأن تمطر، فإن قيل: إن هذه الصلاة لا علاقة لها بالصعود العلمي المعروف اليوم إلى الجو لشحن الغيوم أو تلقيحها لتستمطر، فنجيب أن الصلاة نوع أو أسلوب من الأساليب الكثيرة للتعامل مع العوالم الكونية الخاضعة لأمر الله بالصدع والاستجابة، وبالتالي يصح أن يتعامل مع هذه العوالم بأساليب أخرى لاستمطارها، زيادة على الصلاة، تبعاً للتقدم والاكتشاف العلمي، فالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والخلفاء من بعدهم استسقوا بالخروج إلى الصحراء متذللين متواضعين عليهم ثياب خلقة غسيلة، وبعضهم استسقى بالأطفال والشيوخ والعجائز(32)؛ لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة، وبعضهم استسقى بالدواب والمجانين(33)؛ لأن الرزق مشترك بين الكل، وبعضهم استسقى بذوي الصلاح والدين من الناس؛ لأنه أسرع في استجابتهم، وبعض المخلوقات كالنملة مثلاً استسقت بالاستلقاء(34)، فكل الطرق السالفة الذكر أساليب، فلا يعدو – والحالة هذه – أن يكون تلقيح السحب واستمطارها واحدة من تلك الأساليب، أو مضافة إلى تلك الأساليب، أو طريقة من الطرق الممكنة، وإن اختلفت الوسيلة تبعاً للزمان والمكان، ما دام ذلك فيه التزام بقواعد الشريعة، وعدم خروج على قواعدها العامة ومبادئها الأصلية. رابعاً: من العقل: إن العقل يشتد توقانه لأن يعتقد أو يصدق من أن الاكتشافات العلمية أوصلت الإنسان إلى أن يتعامل مع عوالم الله العجيبة مثل السحب والغيوم، ويستسقيها أو يستمطرها على هدي من تعليمات الشريعة، طالما أنها في الأصل خلقت لمصلحة الإنسان وفائدته، بشرط أن يتنبه الأخير إلى المحددات الشرعية التي تسح له بولوج هذا النوع من الاكتشاف والبحث في علم الله الغزير الذي سخره له، وذلك حتى لا تؤدي به تجاربه إلى خيبة أمل يجنيها على نفسه، وعلى الإنسانية جمعاء، مما يدخل في نطاق العلوم المحرمة أو المرفوضة، مما سنتحدث عنه لاحقاً في مبحث الاستخدام السيئ للاستمطار، كما لو زعم أحدهم أن فعله هذا كان على غير مثال سابق، أو استحداث مطر من العدم مما لم ينبه عليه القرآن الكريم ولا السنة النبوية، فالاستمطار ليس إحداث شيء من العدم، أو اختراع من غير ما مثيل من تعليمات الشريعة، إنما هو اكتشاف وتجارب مؤيدة بنصوص الشريعة مع العمل الدؤوب والحث المستمر – بعد التوكل على الله – لزيادة كميات المطر أو تسريعها، ولا سيما في مثل السحب القابلة أصلاً للمطر أو التي تحتاج إلى مساعدة في زيادة كمية المطر، وذلك كالحيوان الذي يزاد في تغذيته لتزداد كميات حلبه ومراتها. الثاني: أنواع الاستمطار وأسبابه وشروطه: إذا عنينا بالاستمطار الاستسقاء فليس له إلا نوع واحد أو طريقة واحدة وهي الطريقة التي تحدث عنها القرآن الكريم عندما تأتي السحابة أو السحب المحملة أو المثقلة بالأمطار لتلقي بها على الأرض الجدباء الميتة – لتبعث فيها الحياة من جديد. أما إذا عنينا بالاستمطار – بطرقه العلمية الحديثة التي تقوم على محاولات الإنسان استمطار السحب لزيادة تكثيفها وإسقاطها للماء – مما يندرج في باب الإعجاز العلمي القرآني، الذي لم يسهب الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث عنه، ولا أسهب به الفقهاء من ناحية علمية، ولم يوردوه في استدلالاتهم كما هو اليوم، وذلك لأمرين ذكرناهما سابقاً وهما: الأول: انشغالهم بالدعوة الإسلامية ومجرياتها، مما حال بهم إلى عدم التركيز على الاكتشافات والاختراعات كما هو مشاهد اليوم، وذلك لأن طبيعة رسالتهم كانت منصبة على التوحيد. الثاني: اختلاف الزمان والمكان والأحوال التي كان عليها الأوائل، فلم يكن همهم الأول ينصب على الكواكب والفضاء بقدر ما هو منصب على العقيدة وتثبيت أركان الدولة الإسلامية، حتى إذا ما تعمق التوحيد وترسخت جذوره ومفاهيمه انطلقوا إلى المواضيع الأخرى العلمية وغير العلمية، والدليل على ما نقول معرفتهم الكبيرة بالكواكب وحركات الأنواء والسفن مما يجعلنا نقرر أن أمر الاستمطار لو تهيأت ظروفه، وطال زمانه وزمانهم لخاضوا فيه، وتمكنوا منه – فيبدو أن طرقه كثيرة لأنها تقوم أصلاً على نظريات علمية متعددة. أما أسباب الاستمطار وشروطه فكالتالي(35): 1- المحل والجدب. 2- الحاجة إلى شرب شفهاهم أو دوابهم ومواشيهم في سفر في صحراء أو في سفينة أو في الحضر. 3- استسقاء من لم يكن في محل ولا حاجة إلى الشرب، وقد أتاهم من الغيث ما إن اقتصروا عليه كانوا في دون السعة، فلهم أن يستسقوا. 4- استسقاء من كان في خصب لمن كان في جدب ومحل. 5- شرط الذكورة، فلا يخرج للاستمطار النساء على المشهور عند المالكية(36)، ومثله – على ما أرى – صعود النساء إلى طبقات الجو لاستمطار السحب، أو عملهن في المحطات الأرضية، وذلك لصعوبة الفعل من جهة، وكذلك اختلاطهن بالرجال على الأرض من جهة أخرى، مما يسبب لهن مضايقات، وهذا يدخل في نظرة الشريعة الكلية إلى مجال عمل المرأة، من باب درء المفاسد، والمحافظة على المصالح، اللهم إلا عند الضرورة، مع التأكيد على أن الضرورة يجب أن تقدر بقدرها، ويرى الحنفية والشافعية أن النساء اللاتي لا هيئات لهن يخرجن لصلاة الاستسقاء، ومثلهن الأطفال والشيوخ والعجائز(37)، لخبر البخاري: (وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم)(38)؛ لأن دعاء هؤلاء أقرب للاستجابة. 6- شرط الإسلام، إذا اعتبرنا أن التعامل مع السحب لاستمطارها هو نوع عبادة – وهو الأصل – فالأفضل أن يكون المستسقي أو المستمطر مسلماً، وهذا رأي الحنفية(39)؛ لأنه لاستنزال الرحمة مع الدعاء والاستغفار، وهذه لا يصلح لها الذمي أو غير المسلم، أما إذا اعتبرنا الاستمطار نوع فن وعمل اكتشافي محض – وهو بعيد – فلا يمنع منه الذمي أو غير المسلم؛ لأن دعاء الكافر قد يستجاب استدراجاً وطعمة في الدنيا(40)، قال تعالى: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) (الأعراف: من الآية182)، والله سبحانه وتعالى ضمن أرزاقهم في الدنيا كما ضمن أرزاق المؤمنين. 7- شرط التواضع والتضرع والتذلل والابتذال أي في ثياب البذلة، لا ثياب الزينة، وعدم التطيب، والخشوع أثناء الصعود والهبوط وساعة التعامل مع السحب، إقراراً واعترافاً بالحاجة الملحة والرغبة فيما عند الله عز وجل. 8- شرط عدم إسناد حقيقة الفعل أو بركات الإمطار إلى السحابة ذاتها أو الغيمة عينها، أو مادة الشحن، أو المحطة التي هيأت المطر؛ لأنه لا قيمة للغيوم والسحب من غير ترتيب الإله وتثبيته، فمن قال: مطرنا بنوء كذا – أي بوقت النجم الفلاني، أو بالسحابة العلانية، كما كان هي عادة بعض العرب – فقد كفر؛ لأنه اعتقاد في غير محله، وعليه يحمل ما في الصحيحين حكاية عن الله تعالى: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا، فذاك كافر بي مؤمن بالكواكب)(41). 9- شرط عدم سب الريح، أو سب العوامل المساعدة الأخرى التي تساعد في عملية الاستمطار من حرارة ورطوبة ومناخ وغيره، وذلك لخبر: (الريح من روح الله – أي رحته – تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها)(42)، بل يقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به)(43)، (اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً)(44). 10- شرط توقي الرعد والبرق ما أمكن، فإذا كنا نعزم على التعامل مع الغيوم والسحب لاستمطارها، فليس من الأوقات المفضلة حالات البرق أو الصواعق؛ لأن الأخيرة تكون – على الغالب – علامات على الإمطار أصلاً، فضلاً عن أنه في مثل تلك الحالات على المستمطر أن يردد قوله تعالى: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) (الرعد: من الآية13)، ويستحب أن لا يتبع بصره البرق؛ لأن السلف الصالح كانوا يكرهون الإشارة إلى الرعد والبرق ويقولون عند ذلك: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سبوح قدوس)، فيفضل الاقتداء بهم في ذلك. هذا، وإذا كان شأن الإنسان العادي أن يفعل الذي ذكرناه في أحوال البرق والرعد فمن باب أولى من تسند له مهمة الاستمطار بواسطة المحطات الأرضية، أو بواسطة الأجهزة والمعدات اللازمة التي تعد لشحن السحب، كما في طائرة نثر الغيوم من الجو. صفوة القول: علينا – ونحن نهيم بالاستمطار – أن نتتبع الشروط والأسباب السالفة الذكر، دون استشعار العظمة في أنفسنا، أو استشعار صنع المعجزات، وذلك حتى لا تأخذنا العزة بالإثم، فنقدم على فعل لا قبل لنا به، أو نحكم على نظرية من النظريات بالصحة والواقعية مع أنها غير قابلة للتصديق أصلاً، وخاصة إذا كانت مخالفة لنصوص الشريعة وروحها الغراء، أو نحكم على نظرية أخرى بالفشل مع أنها في الواقع قابلة للتصديق والتطبيق.

يتبع

  #8  
قديم 2009-11-02, 12:53 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

الثالث: طرق الاستمطار وأوقاته وأدواته وتحليل معلوماته ونتائجه وفوائده:محاولات استمطار السحب وأنواعه وطرقه وزمانه ومكانه وأدواته ونتائجه لم يثبت منها شيء مائة بالمائة إلى الآن، إنما هي تجارب تأخذ طابع المشاريع العلمية، لكن لا بأس أن نشير إلى الطرق التي جربت إلى الآن وأثمرت حسب تقارير استقيناها من دائرة الأرصاد الجوية الأردنية(45).الطريقة الأولى: طريقة تشغيل محطات الاستمطار من الأرض لشحن السحب في الجو.الطريقة الثانية: طريقة الاستمطار الجوي بواسطة طائرة الاستمطار.طريقة تشغيل محطات الاستمطار من الأرض لشحن السحب في الجو:يتم استمطار السحب التي في الجو من الأرض بواسطة نثر الغيوم من هذه المحطات(46) من بعضها بأنوية "أيوديد الفضة" حسب الأوضاع الجوية السائدة، ولكل مرة نثر طريقة، وكل من هذه المحطات تقدم تقريرها الخاص، وذلك في حالة تشغيلها دفعة واحدة لإحداث منخفضات جوية عميقة.وتستخدم المولدات الأرضية(47) بشكل أساسي لزيادة المساحات التي يتم نثر الأنبوبة فوقها واستمرار نثر الغيوم لفترات طويلة 24 ساعة، 36 ساعة، 48 ساعة، دون توقف، وحسب إحصائية 96-97 في دائرة الأرصاد الجوية بلغت ساعات الاستمطار من المولدات الأرضية 2876 ساعة(48).ورغم حسنات المحطات الأرضية في الاستمطار لكن قصورها [FONT='Tahoma','sans-serif']Limitations[/font] أنها لا تعمل في حالة الرياح السطحية الخفيفة، وحالة وجود انعكاس حراري على المستوى المنخفض بالقرب من سطح الأرض.ثم هناك شروط عند تشغيل محطات النثر الأرضية لا بد من أخذها بعين الاعتبار عند النثر منها(49):1- أن لا يقل ارتفاع موقع المولد الأرضي عن 300م فوق سطح الأرض.2- اختيار أماكن المحطات بحيث تكون على سطوح الجبال المواجهة للغرب كما هو في بلادنا حيث الهواء المثقل بالرطوبة والقادم من البحر المتوسط، يرتفع فوق الجبال حاملاً معه أنوية انجماد من المولدات الأرضية إلى قاعدة الغيم، ومن ثم تكمل الغيمة ذاتياً توزيع الأنوية أفقياً وعمودياً.أما نسبة ما يمكن نثره من محلول أيوديد الفضة من المولد الأرضي فتسعة جالونات حوالي 30 لتر.أما كيف ينثر الغيم من المحطة الأرضية لنثر الغيوم فيتم بواسطة المولد الأرضي الذي يتكون من جزئين رئيسيين يعرف أحدهما، بالرأسي وهو أعلى الجهاز، والآخر بالمستودع.وتكوين الرأسي معقد ففيه يتم تحديد كمية المحلول الكيماوي المستخدم في النثر والذي ينساب إليه تحت ضغط غاز البوتين أو البروبين الذي يدخل المستودع من فتحة خاصة جانبية، كما يتم ضغط الغاز وضبطه من خلال جهاز يثبت بين المستودع وأنبوب الغاز ذي الحجم الكبير، ويتم تعيير جهاز الضغط مع بداية كل موسم مطري.الطريقة الثانية: طريقة الاستمطار الجوي بواسطة طائرة الاستمطار:يتم نثر الغيوم من الجو بواسطة طائرة نثر الغيوم [FONT='Tahoma','sans-serif']Rain Bird[/font] المزودة بنظامين للنثر الجوي، وذلك بواسطة مولدين مثبتين تحت جناح الطائرة، وهذا النظام الأول، أما النظام الثاني: فيعرف بنظام الشعلة [FONT='Tahoma','sans-serif']Flares[/font]، وتتكون الشعلة من خراطيش تحمل داخلها ما يشبه الصينية، مقسمة داخلياً لتتسع مائة واثنتين من الشعل، وتحتوي كل شعلة على 10غم إلى 30غم من مسحوق مزيج (أيوديد الفضة) و(أيوديد الأمونيوم) بنسب ثابتة ومعروفة، وفي الأردن تستخدم الشعلة ذات العشرين غرام، ويتم قذف الشعلة من الطائرة بواسطة جهاز تحكم إليكتروني داخل الطائرة، فتطلق إلى الأسفل إما من داخل الغيمة أو بالقرب من قاعدة الغيم حسب الوضعية الجوية السائدة، وبعد دراسة مسبقة، ويتم اشتعالها ونثر المادة التي تحتويها على شكل ذرات خلال ثوان معدودة ومعروفة.كيف ينزل المطر بواسطة طائرة نثر الغيوم بعد نثر المحلول في السحابة؟أظهرت الدراسات والأبحاث(50) أن قطيرات الغيوم التي تتكون نتيجة تكاثف بخار الماء في الهواء تكون متناهية في الصغر بحيث يستحيل سقوطها من الغيوم على شكل مطر، ويتراوح نصف قطر قطيرات الغيوم أو حجم القطيرة من (1-20) ميكرون (1[FONT='Tahoma','sans-serif']n=10**-6m)(51[/font])، (الميكرون يعادل 10-6 متر)، وتتراوح سرعة سقوط هذه القطيرات داخل الغيوم من 0.1 إلى 5سم/ث فقط، كما يغير من توازنها وجود أي حركة عمودية في الهواء المحيط، وسيتم تبخرها فور خروجها من قاعدة الغيمة في حالة عدم توفر هواء مشبع بالرطوبة، أما حجم أصغر قطيرات المطر وهو الرذاذ فهو حوالي 100 ميكرون، ويصل حجم قطرات المطر في العادة ما بين 0.50 و 3ملم ولها سرعة سقوط تتراوح ما بين 70سم/ث و 9م/ث، ولذا تتمكن قطرات المطر الكبيرة من السقوط من الغيوم والوصول إلى سطح الأرض دون أن تتبخر كلها حتى ولو كان الهواء المحيط غير مشبع ببخار الماء(52)، ولذا فإن الفارق الأساسي بين قطرات المطر وقطيرات الغيوم هو الفارق في الحجم، فمثلاً قطيرة غيم لها حجم يساوي 10 ميكرون يجب أن يزيد حجمها مليون مرة قبل أن تصبح قطرة مطر حجمها 10ملم، وقد تبين من الدراسات أن عملية تكاثف بخار الماء وحدها غير كافية لتكوين قطيرات مطر خلال الفترة الزمنية لحياة الغيمة التي هي في المعدل تقارب عشرين دقيقة.أما كيف تكون قطرات مطر في الغيوم حتى يسقط مطر فبطريقتين(53):الأولى: طريقة التصادم والتجمع [FONT='Tahoma','sans-serif']Collision and[/font][FONT='Tahoma','sans-serif']Coalescence[/font].الثانية: طريقة بيرجرون، فندايزن (سويدين) [FONT='Tahoma','sans-serif']Bergeron and[/font][FONT='Tahoma','sans-serif']Findeisn[/font].تعتمد الطريقة الأولى على تصادم القطيرات لتكوين قطرة ماء أكبر، أما الثانية فتعتمد على تحول ماء القطيرات الصغيرة المتعددة إلى عدد أصغر من بلورات الثلج، ولكنها أكبر في الحجم، وذلك بأن يتبخر الماء ثم يترسب على أنوية الانجماد المتوافرة في الغيوم، وحين تكبر بلورات الثلج إلى حجم قادر على التغلب على حركات الهواء الصاعد تكتسب سرعة سقوط مناسبة وتستمر في النمو أثناء سقوطها عن طريق تجميع قطيرات لغيوم التي تصادفها أثناء سقوطها إلى أسفل.وخلاصة هاتين الطريقتين – حتى يسقط المطر – هي القيام بمساعدة قطرات المطر، بتزويد الغيوم بأنوية انجماد صناعية في الأجزاء التي تكثر فيها قطيرات الماء، وبالطبع فإن كلاً من هاتين التقنيتين تعتمد وجود الغيوم، وعليه لا يمكن القيام بعمليات نثر في الأيام الصافية.هذا ويعتمد نثر الغيوم بأنوية انجماد صناعية (كأيوديد الفضة) على حقائق تم اختبارها والتأكد من سلامتها وهي:أ – وجود ماء درجة حرارته تحت الانجماد داخل الغيمة أو توفر قطرات ماء تبقى في حالة السيولة على درجات حرارة دون الصفر المئوي في الغيوم.ب – ضغط بخار الماء فوق الثلج أقل منه فوق الماء تحت الانجماد، وهكذا تتمكن بلورات الثلج من النمو في الحجم على حساب قطرات الماء بتبخر الأخيرة وترسبها على الأولى، وعليه يمكن أن تنمو بلورة الثلج على حساب عدد من قطرات الماء.ج – طريقتا التصادم والتجميع وطريقة برجون – فندايزن مسؤولتان عن تكون أنواع الهطول المختلفة في مناطق خطوط العرض المتوسطة كالأردن مثلاً.د – تتوفر أنوية انجماد صناعية لنثرها في الغيوم بتكاليف معقولة، وفي حالة استخدام أنوية أيوديد الفضة كأنوية انجماد صناعية فإن ذلك يتم في الغيوم التي تتراوح درجة حرارة قمتها ما بين 12ْم و 20ْم.وقد اختيرت النهاية الصغرى وهي 21ْم، لأن درجة الحرارة التي تبدأ عندها انتشار ذرات أيوديد الفضة لتعمل كأنوية انجماد هي -5ْم، ونحتاج – هنا – إلى عمق كاف من الغيوم فوق مستوى درجة حرارة انتشاره، ليسمح لبلورات الثلج بأن تنمو إلى الحجم المناسب لسقوطها كهطول(54). أما النهاية العظمى وهي -20ْ فقد اختيرت لأن عدد بلورات الثلج التي تتوفر في الغيوم بشكل طبيعي عند هذه الدرجة أو أقل منها يكون كافياً لإحداث الهطول – وبكفاءة – دون مساعدة خارجية، كذلك فإن حدوث الانجماد على مقدم الطائرة أو على الجناحين أو على الزجاج الأمامي لها خلال طيرانها داخل الغيوم يعتبر مؤشراً لوجود قطرات الماء تحت الانجماد في الغيمة وبوفرة مناسبة لبدء عملية نثر الغيوم الجوي(55).نتائج الاستمطار وتحليل معلوماته وفوائده:يصعب معرفة نتائج الاستمطار في أي بلد من البلدان دون جمع المعلومات لسنوات الاستمطار المتتالية، وطالما أن مشروع الاستمطار في الأردن – مثلاً – عمره قصير وهدفه الأساسي زيادة كمية الأمطار دون أن يكون مشروعاً علمياً بحتاً لعدم توفر القدرات من جميع الوجوه، فنكتفي بذكر طريقتين من الطرق يعتمد عليهما عالمياً – والأردن منها – لمعرفة النتائج(56):الطريقة الأولى تعتمد على خرائط فعالية الهطول:تعرف فعالية هطول المطر بأنها ذلك الجزء من معدل رطوبة الجو الذي يسقط كمطر أو يهطل في المتوسط اليومي(57)، ويحسب من معدل الهطول ومعدل الكم المائي المتوفر للهطول في الجو(58).وبناء عليه اختيرت تسعة عشر محطة من محطات الأرصاد الجوية في الأردن، وأخذت معلوماتها لثلاثة عشرة سنة، ثلاثة منها فترة استمطار وعشر سنوات تسبقها، وقد روعي في اختيار المحطات أن تمثل الاختلافات المناخية للأردن بالقدر الممكن، ومن ثم حسبت قيم ما يعرف بفعالية الهطول، فتبين أن الزيادة في نسبة الهطول 19%، فإذا كانت كميات الأمطار في الأردن تقارب في معدلها السنوي العام 8000 مليون م3 في حين تزيد على 12000 مليون م3 للسنوات الرطبة، فإن نسبة 19% كزيادة في المطر نتيجة مشروع الاستمطار، وهي نسبة ممتازة لأن النسبة العالمية تتراوح بين 25% و30%(59). كما هو موضح بالمرفق رقم 1.الطريقة الثانية وتعتمد على الإحصائيات الحسابية:حيث قسمت مناطق الاستمطار في الأردن إلى أربع مناطق كما هو مشار إليه في المرفق رقم 2.[FONT='Tahoma','sans-serif']A1 A2 A3 A4[/font][FONT='Tahoma','sans-serif']B1 B2 B3 B4[/font]ومن ثم أخذت المعدلات فكانت النسبة 17.5%.وبعد ذلك قسمت منطقة الهدف إلى قسمين: خارجي وداخلي، شمل القسم الخارجي [FONT='Tahoma','sans-serif']A1-A4[/font]، والقسم الداخلي شمل [FONT='Tahoma','sans-serif']B1-B4[/font].وذلك لاختلاف عمليات الاستمطار في كليهما بسبب الحركة العامة للغيوم من الغرب إلى الشرق، حيث يؤدي إلى زيادة واضحة في تكرار النثر بالنسبة للمناطق الفرعية الداخلية، وبالتالي ارتفاع النسبة المئوية للأمطار فيها، مما يجعل فصلها وأخذ معدل لها خاص بها أمراً حتمياً. وعليه تكون الزيادة في الأمطار في المناطق الفرعية لمنطقة الهدف كالتالي:أ – الزيادة في المناطق الفرعية 17.5%.ب – الزيادة في المناطق الداخلية 26.5%.ويكون بالتالي معدل الزيادة في كمية الأمطار السنوية لعمليات الاستمطار هو:19.5 + 15 + 17.5 + 26.5 = 19.5% وهي نسبة قريبة جداً إلى النسبة 4 الناتجة من خرائط فعالية الهطول.فوائد الاستمطار:أما وقد عرفنا طرق الاستمطار وكيفياتها حسب نوايا الدول التي تتبنى مشاريع الاستمطار – ومنها الأردن(60)- فإننا نذكر جملة من الاستفادات الأخرى زيادة على المطر:1- دراسة فيزياء الغيوم وطبيعة تشكيلاتها.2- دراسة أنواع الغيوم، وأيها أكثر فائدة واستجابة لنثر المحاليل فيها.3- دراسة جدوى محطات الاستمطار الأرضية بشكل منفصل عن غيرها.أما الفوائد المباشرة للأرض والزراعة فكما يلي:1- تنشيط الاقتصاد الزراعي وتوسيع رقعة الأراضي المزروعة.2- توفير مخزون إضافي للمياه السطحية والجوفية.3- زيادة مساحات الأراضي الزراعية الجافة على حساب الصحراء، وبالتالي المساعدة في مقاومة التصحر.الرابع: حكم الاستخدام السيئ للاستمطار والأضرار التي تنتج عن ذلك:آثرت إرجاء الكلام عن الاستخدام السيئ للاستمطار لآخر فرع من فروع المبحث الرابع، وذلك حتى يتسنى لي الإحاطة بكل جزئياته من الناحية الفقهية والعلمية، ولا سيما بعد ذكر الأدلة الشرعية والأسباب والشروط الكثيرة التي تستحسن، فعل الاستمطار وتجمله، وكذلك بعد التمعن في التجارب العلمية المتعلقة بهذا النوع من الاكتشاف، وبناء عليه أقول: يمكن التعامل مع السحب لاستمطارها بطريقتين:الأولى: إيجابية، وقد فصلنا فيها سابقاً عند ذكرنا للأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة والإجماع والمعقول، وعند ذكرنا الأسباب والشروط التي تجب على كل من أراد أن يخوض تجارب الاستمطار، ويخوض غمار الأجواء العليا في عالم الفضاء مما يمكن الرجوع إليه سابقاً(61)، فإذا تتبع العلماء هذه الأدلة، والشروط والأسباب، فاعتقادي أنهم سيحققون نتائج ملموسة – في مجال العوز المائي والرحمة المستسقاة من صاحب الرحمة، والتقدم العلمي – لهم ولشعوبهم وللبشرية المتعطشة لكل الأولويات والضروريات وكل سبل الحياة القويمة، مما ستنعم به الأجيال القادمة، ولا شك أنه على رأس قائمة هذه الضروريات الماء؛ لأنه به تحفظ النفوس والأبدان، التي هي من مقاصد الشريعة التي جاء الإسلام ليؤكد عليها في حفظه لمصالح العباد، ومن يدري، فلعل وعسى أن تكون تجارب القائمين على مراكز الاستمطار ومحطاته في العالم من العلماء المنصفين الإيجابيين، لأن عكس ذلك يعني تحول مشاريع الاستمطار إلى شر وبيل تحصد القائمين عليها، وتحصد الأجيال البشرية مما سنناقشه في الصفحات اللاحقة.الثانية: سلبية، وهذه الطريقة تزداد سلباً، لأن نبرة التشاؤم من تحقيق نتائج سريعة وكبيرة للاستمطار تزداد يوماً بعد يوم لعاملين:العامل الأول: الجهل.العامل الثاني: الغرور والكبرياء والأنفة.الجهل:لا يزال قسم كبير من البشر يسيئون فهم قسمة المطر، ويقفون موقفاً سلبياً من كل التجارب الكونية، فضلاً عن تجارب الاستمطار، يظل حدثاً طبيعياً غير مفهوم علمياً، لأنه نتيجة تفاعلات بين عناصر شتى مختلفة غير معلوفة لنا، من بينها مثلاً الرياح الشمسية التي لها تأثير كبير على الحالة الجوية، وعلى المطر بشكل خاص، ومصدر هذه الرياح الشمس ذاتها، وإن كانت أذيالها تصل إلى الأرض في شكل قسيمات ذرية مشحونة كهربائياً(62).أقول: إذا كان شأن المطر في جهل حقائقه إلى هذا الحد، فأعتقد أن الجهل بما يسمونه المطر الصناعي سيكون أكثر؛ لأن كل المحاولات التي بذلت إلى حد الآن في العالم لاستمطار السحب لا تزال مجرد تجارب، رغم أنها بدأت قبل عام 1946م، هذا ما أصدره تقرير عن المجمع الأمريكي للرصد الجوي الذي صدر في سنة 1957م(63).يقول الدكتور الفندي أستاذ الفلك والطبيعة الجوية بكلية العلوم بجامعة القاهرة ما نصه(64): (إن الظروف الطبيعية التي تؤدي إلى تكوين المزن ونزول المطر لا يمكن أن يصنعها البشر، بل وحتى لا سبيل إلى التحكم فيها، وذلك لأنه لكل من هذه الطرق ظروفها الخاصة، ولا يزال موضوع المطر الصناعي واستمطار السحب العابرة مجرد تجارب لم يثبت نجاحها بعد، وحتى إذا ما تم نجاحها فإن من اللازم أن توفر الطبيعة الظروف الملائمة للمطر الطبيعي، حتى يمكن استمطار السماء صناعياً، أي أن واجب علماء الطبيعة الجوية لا يتعدى قدح الزناد فقط بتوليد حالات من فوق التشبع داخل السحب الركامية).هذا، وتجد الجهل نفسه في معرفة حقيقة المطر من الناحية الشرعية عند بعض المسلمين ولا سيما المتخوفين من الخوض في مسائله(65).وعليه، فإن فقهاء وعلماء الشريعة، ومثلهم علماء الأرصاد الجوية والمناخية متفقون على أن الماء سر من أسرار الله في الطبيعة، ولا زالوا يؤكدون أن رحلة الماء في أجسامنا ومن حولنا ومن فوقنا ومن تحتنا في بداياتها، فكيف بالمطر الصناعي؟! هذا ما قاله عدد كبير من البحاثة الكبار أمثال ساربولي العالم الفرنسي، وطوربار جيرون العالم السويدي، ومارشال، وفاسي، وجليبار، وموريس بوكاي، من العلماء الفرنسيين(66).يقول العالم والطبيب موريس بوكاي في معرض تعليقه على الماء الأجاج والماء العذب ما نصه(67): الاستشهاد بأن الله كان يستطيع أن يجعل الماء الطيب بطبيعته مالحاً شديد الملوحة هو طريقة في التعبير عن القدرة الإلهية، وطريقة أخرى في التعبير عن هذه المقدرة نفسها: تحدي الإنسان أن ينزل الماء من السحاب، ولكن إذا كانت الطريقة الأولى مجرد قول بديهي أفلا تكون الثانية كذلك في العصر الحديث حيث سمحت التكنولوجيا بإطلاق المطر صناعياً؟ أيمكن معارضة دعوى القرآن بطاقة البشر على إنتاج المطر(68)؟!ويضيف: ليس الأمر كذلك، إذ يبدو أنه لا بد من الأخذ في الحسبان بحدود إمكانات الإنسان في هذا الميدان، فقد كتب م.أ. فاسي [FONT='Tahoma','sans-serif']M.A. Facy[/font] – مهندس عام الأرصاد الجوية الوطنية في مقالة "الهواطل" بدائرة معارف أونفرسالس ما يلي(69):(لن يمكن أبداً إسقاط مطر من سحابة لا تحتوي على سمات السحابة القابلة للهطول، أو من سحابة لم تصل إلى درجة مناسبة من التطور أو النضج، وبالتالي فإن الإنسان لا يستطيع إلا أن يعجل بعملية الهطول مستعيناً في ذلك بالوسائل التنقية الملائمة، على شرط أن تكون الظروف الطبيعية لذلك مجهزة سلفاً، ولو كان الأمر غير ذلك لما كان الجفاف عملياً، وهذا غير حادث، وكما هو واضح فإن التحكم بالمطر والطقس الجميل ما زال حتى اليوم حلماً، ولا يستطيع الإنسان أن يقطع كيفما يشاء الدورة الثانية التي تضمن حركة المياه في الطبيعة).يستفاد من هذا أن الجهل بحقيقة تنزيل المطر صناعياً لا زالت الألسنة تتناقله، ولا زال المتخوفون من هذا الصنيع يحذرون منه بحجة أن ذلك اعتداء على أصل خلقة المطر وعلى من عنده علم الساعة وتنزيل الغيث، واعتقادي أنه إذا كان في كلام هؤلاء بعض الصواب، لكن ليس الصواب كله، وذلك لما هو معلوم من أن الإفراط في الحرص يساوي التفريط فيه، وربما يتعداه، فمنشئ الأمطار، هو منشئ مقدماتها وأسبابها وتدابيرها، ليلجها أولئك الذين شاء الله لهم ذلك، من بشر أو ملائكة جرياً على سنن الله في الأرض، ونواميسه في الكون، وفي هذا المجال يعلق الأستاذ عبدالحميد الزنداني فيقول(70): (عندما تمكن الإنسان من معرفة السنن الإلهية التي أجراها الله والأسباب التي قدرها لإنزال المطر، أخذ الإنسان يحاول أن يستخدم هذه السنن على نطاق محدود لإنزال ماء السحب عند بروزها، فظن بعض الجهلة ذلك تطاولاً من الإنسان على قدرة الله، ومساواة بين الإنسان وخالقه، وقالوا: إنه أصبح في مقدور الإنسان الأمر الذي كان في مقدور الله، ويضيف: ألم يعلم هؤلاء أن الله هو خالق الأشياء وأسبابها وأقدارها، وأن الإنسان هو خليفة الله في هذه الأرض الذي يستخدم هذه السنن والأقدار، فالقرآن لا يحرم على الإنسان إنزال المطر، كما أن الله هو الذي يزرع الأشجار والنباتات بتقديره وقدرته، إلا أن ذلك لا يحرم على الإنسان أن يقوم باستخدام أقدار الزراعة وسننها في زراعة الأرض، بل إن على الإنسان أن يعرف التي منحه الله إياها، وذكر ذلك في كتابه بقوله: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: من الآية30)، وقال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) (الجاثـية: من الآية13)، انتهى كلام الزنداني.ويؤيد كلام الزنداني ما توصل إليه العلماء من تجارب على السحب حيث إن متوسطات كميات الهطول زادت بما يعادل 30% في الأيام التي عولجت فيها السحب صناعياً على كميات الهطول في الأيام التي لم تعالج فيها السحب صناعياً، وذلك خلال ثلاثة أعوام متوالية، وقد حدث هذا في أعوام الخمسينيات المتأخرة(71)، وهذا يدل على أن الإمكانيات والفرص موجودة وقائمة لمثل هذا النوع من العلم والتجارب، وأن الشريعة لا تقف موقفاً سلبياً من الفرضيات والاحتمالات التي علق عليها الزنداني.العامل الثاني: الغرور والكبرياء والأنفة:مع أن هذا العامل لا ينفصل كثيراً عن الجهل في فهم تدابير الله عز وجل في إنزال المطر، وفهم سننه الإلهية في إنابة من شاء من البشر في إجراء بعض أجزائه، كالمطر الصناعي مثلاًن كما يوجد ملائكة موكلون من الله تعالى بإنزال المطر لكن فهم بعضهم لهذا جاء بشكل معكوس، وبمعنى آخر أوصله فهمه لنواميس الكون وسنن الله في الأرض إلى غرور وكبرياء وغطرسة، فأعلن حربه على مبدع الكون ومسخر السحاب، فانبرى للتعامل مع الأخيرة باستعلاء وتكبر، مما قاده إلى أسوأ العواقب، وأسوأ استخدام سيئ للاستمطار، فأخذته العزة بالإثم وهو يجري تجارب الاستمطار أو ارتياد الفضاء أو تشغيل محطات الاستمطار، فانطلق يتحدى السحابة بغير تعليمات القرآن، واجتهد ليظهر النتيجة بغير توكل على الله، وتسليم به واعتماد كامل عليه، فبدل ذلك كله عزا الأمور إلى علمه وغروره القاتل، وحسبه في استخدامه السيئ أنه لم ينس بالصنعة إلى الصانع، ولا استدل بالأثر على المؤثر فخاب فعله وفشلت تجربته، وعليه يلزم مجري تجربة الاستمطار، وقائد طائرة الاستمطار، وراصد محطة الاستمطار – بل يلزم كل طاقم وكادر وإداري وفني الاستمطار من مصممين ورواد فضاء وعمال وغيرهم، إضافة إلى القاطنين والسكان – الشروط التالية التي ذكرها الفقهاء في أبواب وصفة صلاة الاستسقاء(72) عند إجراء التجربة وبعدها، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الأسلوب أو الطريق الذي يؤدي به الفعل، تبعاً لطبيعة الفعل نفسه وزمانه ومكانه، هذا ويعد المستمطر، أو قائد طائرة الاستمطار، أو المتحكم في تشغيل محطة الاستمطار مستخدماً مسيئاً لتجربة ومفهوم الاستمطار إذا فعل التالي من مثل ذلك الذي يتناقض ويتنافى مع رسالة الإسلامي الصافية النقية في طلب المطر:1- انطلاقه لأجواء الفضاء بغير نية صادقة، وتوبة من المعاصي، ومن غير تواضع، وخشوع باعتبار أنه يقوم بأعمال عبادة، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف: من الآية96)، وفي حديث ابن عباس: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعاً متخشعاً، حتى أتى المصلى)(73).2- تخبطه من غير توكل، ومن غير تهيئة لكل أسباب النجاح من تحضير مسبق لكل مستلزمات عملية الاستمطار.3- غروره بعدم صلاة ركعتين؛ لأن الركعتين سنة من سنن الاستمطار، حتى إن الجمهور يعتبر هذه الصلاة من السنن المؤكدة، وذلك تيمناً وتبركاً بالمطر(74).4- ارتياده الجو بغير دعاء واستغفار، والاستعاضة عنهما بما نشهده في عالم اليوم من وسائل للهو، تبعدك عن ذكر الله، فبدل أن يبدأ المستمطر لحظته في الاستمطار بأدعية مأثورة، تراه يستعيض عنها بوسائل إعلامية مرئية أو مسموعة، أقل ما يقال فيها: إنها تتناقض مع فعل العبادة، وذلك لما روى البيهقي أن الدعاء يستجاب في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة، ورؤية الكعبة، ولعمر الحق إنه لفضل ما بعده فضل، أن يدعو قائد طائرة الاستمطار وهو يواجه السحابة ويحاول تطويعها لاستمطارها بمجموع دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم مثل: (اللهم مطراً صيباً هنيئاً، وسيباً – أي عطاءً – نافعاً، مطرنا بفضل الله ورحمته)(75)، ويقول عند التضرر بكثرة المطر: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر(76)، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب، ولا محق، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق)(77).5- فعل كل عادة أو إشاعة لا تسرع بعملية الاستمطار، أو بإنزال المطر، بل تتناقض معه، ففي الجاهلية سرت عادة إضافة الأمطار إلى الأنواء، فكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، فإن اعتقد الفاعل أن ذلك له حقيقة كفر(78) واليوم سرت عادات مشابهة، ولا سيما في سنوات القحط والجفاف كما لو قيل: مطر جاهز، أو ثقبة الأوزون، أو مطر صناعي ويقصدون أنه مطر مصنع بطريقة بشرية والعياذ بالله.6- سب الريح وتكرار السب، أو سب عوالم كونية أخرى لها علاقة بعملية الاستمطار(79).7- إساءته المتعمدة لمنظر المطر، كما لو خرج عارياً أو خرج بثياب صفيقة شفافة، أو حسر عن جسده لا تيمناً بأول المطر ليصيبه شيء منه، بل استخفافاً، كما يفعله اليوم من نشاهدهم في المناسبات والأعياد بقذف أنفسهم في الغدران والبرك شديدة البرودة، روى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم حسر عن ثوبه حتى أصابه المطر، وقال: إنه حديث عهد بربه)(80)، أي بخلقه وتنزيله وتكوينه، فليت المستمطر أو قائد طائرة الاستمطار أن يفعل ما يشبه فعل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا استشكل عليه فعل الاستمطار أو عاندته السحابة، وليته يحسر ثوبه، ويكشف عن بعض جسده وهو يرى علامات تجاوب السحابة ببدء تقطيرها للماء، أو إنزالها المطر المدرار.8- قذفه لمحاليل لا تتناسب مع السحب – أصلاً – لاستمطارها، أو زيادات الكميات المستخدمة، أو إنقاصها إلى درجة تجعل الفعل عبثاً وتلاعباً، مما يصب في مصلحة عدم التوازن.9- تخيره لأسوأ الأوقات والظروف للاستمطار مما لا ينصح بها علماء الأرصاد الجوية، ولا الموجهين والمشرفين على محطات الرصد الجوي الأرضية، كما لو تخير الأوقات المظلمة، أو الأوقات التي لا رياح فيها، أو الأوقات التي لا سحب فيها أصلاً.الأضرار التي تنتج عن الاستخدام السيئ للاستمطار(81):يمكن أن نتوقع النتائج والأضرار السلبية التالية في حالة الاستخدام السيئ للاستمطار، وكلها متوقعة.أ – أضرار عامة للبيئة كلها أو بعضها من تلويث للأرض والجو والإنسان والحيوان، وقد تكون آثار التلويث آنية مباشرة عقب التجربة، أو تكون بعد أعوام وسنين من التجارب العلمية التي أجريت.ب – أضرار خاصة على الأرض التي أجريت فيها التجارب، أو الجو الذي تعاملت فيه طائرات الاستمطار، أو أشخاص الطيارين أنفسهم الذين تعاملوا مع السحب بروح من عدم المسؤولية واللامبالاة، فكانوا هم الضحايا.ج – أضرار اقتصادية ومالية بما كلفت تجارب المستمطرين من أموال وأيدي عاملة وغيرها.د – أضرار نفسية بما تخلفه تجارب الطيارين من مؤشرات وعلامات تدل على العجز البين الواضح في الأساليب والتقنيات المستخدمة في مواكبة الدول الصناعية والمتقدمة.هـ - شح الموارد ولا سيما المائية منها في حالة فشل تجارب الاستمطار أو الاستخدام السيئ له، مما يزيد في ضعف الإنتاج، وقلة الوفرة الزراعية، وزيادة مساحة الأراضي الصحراوية غير القابلة للزراعة.خلاصة القول:بعد أن تبينا من خلال العرض المتعلق بطرق وأدلة وأنواع وأوقات وشروط ونتائج الاستمطار، وكذلك الأحوال التي يصدق عليها – استخدام البعض للاستمطار بصورة سيئة قد تؤدي إلى إرباك الناس وإيقاعهم في مآزق الجفاف والقحط والمحل بسبب لجوئهم إلى طرق فاسدة للاستمطار، مما قد يزيد في قحولة الأرض، وإهلاك الزرع والضرع، من أرض وحيوانات، فضلاً أن الاستمطار السيئ قد يرهق الدولة من جميع الوجوه، ويحملها أعباء مالية، ويستهلك قدراتها الإنتاجية، فضلاً عن الأضرار البيئية الملوثة للجو والأرض مما لا يكون في المقدور التنبؤ عنه بحق الأرض والإنسان والحيوان – نقول: إن الاستمطار مشروع جدي وشرعي وعلمي وتقني مقبول، وبالإمكان الاستفادة منه وتطويره.فما دام أنه لا يتعارض مع قواعد الشريعة، ولا يؤثر على حياة الناس الصحية عندما تنثر المحاليل في الغيوم، وما دام أنه لا يهدد الأرض من حيث كميات الأمطار لا في زمن النثر ولا بعده، وما دام أن رواده والقائمين عليه لا يزعمون أنهم قادرون على أن يصنعوا سحباً تمطر، وإنما هدفهم المعلن إضافة كميات مطر جديدة للأرض، أو إضافة كميات إضافية من المطر لتحسين نمو الأرض، وزيادة رقعتها الزراعية، وتوفير مخزون مائي للمستقبل، ما دام أن كل ذلك كذلك فلا نرى فيه شيئاً مخالفاً لتعاليم الشريعة، لكي نصدر حكمنا عليه بالتحريم أو المنع، إنما تطبيقاته الشرعية والعلمية ممكنة، وأهدافه نبيلة ما لم يخرج عن الغاية والشأن الذي أقر من أجله، أما إذا رتبت له استخدامات سيئة، وخرج عن إطار المشروعية والأهداف المتوخاة منه، عند ذلك يكون حراماً، أو طريقاً مؤدياً إلى الحرام، لما فيه من نزعات شر في عقول وصدور منفذيه من حقد واستعلاء وغرور وجهل، هذا والله تعالى أعلم بالصواب.

يتبع


  #9  
قديم 2009-11-02, 12:56 AM
القاريء القاريء غير متواجد حالياً
عضو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 400
جنس العضو: ذكر
القاريء is on a distinguished road
افتراضي

الخاتمة:أما ونحن نروم إلى نهاية المطاف في بحث الاستمطار – بعد أن لاحظنا أن صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان لا تمانع الاكتشافات والإبداعات والتجارب العلمية، ويأتي إمطار السحب ليشكل واحدة من هذه الإبداعات والتجارب العلمية – أقول: جدير بكل الذين أوصلتهم علومهم وأدت بهم تجاربهم إلى جدية استمطار السحب أن يتبينوا ما قلناه آنفاً من أن السحب التي نجد في استمطارها بمختلف أنواعها، ولا سيما الركامية منها القريبة من الأرض، وأن الأجواء التي نجري فيها تجارب الاستمطار، وأن الرياح التي تساعد في عملية تلقيح السحب، وأن المحاليل التي نقذفها في السحب لزيادة حمولتها من المطر كلها مخلوقات وعوالم لله سخرها الله عز وجل لخدمة الإنسان، ليكمل مشوار إعمار الأرض وتهيئة ما فيها من سبل ومعايش، كل ذلك ثابت بالقرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الفقهاء، مع بيان شروطهم التي سقناها لتقريب موضوع الاستمطار إلى الأذهان بالطرق الصناعية التي أشرنا إليها، مما يجعل شأن الاستمطار صحيحاً ومجدياً، بناء على ما توصل إليه عقل الإنسان من تجارب علمية رائدة في هذا المجال بترتيب وتنظيم من الخالق العظيم جل وعلا، القائل في محكم تنزيله: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ) (الأعراف: من الآية10)، والقائل: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) (الذاريات:22)، والقائل: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن:33)، كل ذلك صحيح ما لم تستهو هذا الإنسان نزعة الشر والحقد والظلم ليحول مشروع الاستمطار وعلم الاستمطار باستخدامه السيئ له إلى سلاح يفتك بالبشرية، وإلى أداة تحرق الأرض، وتلوث الجو، وتدمر البيئة، وتقتل الإنسان والحيوان، ولذا علينا أن نسجل الملاحظات المدرجة، ونبادر إلى تحقيق جملة التوصيات التالية(82):1- التفكير بجدوى مشروعية الاستمطار، وبيان أنه يعتمد أساساً على قدرات الإنسان ومواهبه بعد الأخذ بالأسباب، وأهمها التوكل.2- ضرورة القيام بمشاريع الاستمطار بشكل جماعي، وذلك بضرورة تكاثف جميع الأجهزة حكومية وخاصة، ولا سيما أجهزة الملاحة الجوية والزراعية والصحية وغيرها.3- ضرورة تشجيع الأبحاث الخاصة بالأرصاد الجوية، والأبحاث والتجارب المتعلقة بالاستمطار على الخصوص، مع محاولة أن تكون جميع هذه التجارب ناجحة ما أمكن.4- ضرورة توفر الإشراف العلمي السليم على جميع الأبحاث المتعلقة بالاستمطار.5- ضرورة تخصيص موارد مالية كافية لشراء الأدوات والمستلزمات لهذا المشروع العظيم من طائرات استمطار، ومناطيد ورادارات وغيرها.6- ضرورة توفير برامج تدريبية مكثفة للطيارين الذين يرتادون الفضاء والسحب لاستمطارها.7- عدم الاقتصار على نقطة واحدة أو منطقة معينة لاستمطارها، وإنما يجب أن تعمم ظاهرة الاستمطار على جميع البلاد من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، حتى تعم خيرات الله الأرض جميعاً.___________________(* ) تم نشر هذا البحث في مجلة الشريعة والدراسات الاسلامية، جامعة الكويت عام 1423هـ.(1) صلاح الدين بحيري، مبادئ الجغرافيا الطبيعية، ص 110-112، 267-272، ومحمد سامي عسل، الجغرافيا الطبيعية، ط2، ص 395.(2) صلاح الدين بحيري، مبادئ الجغرافيا الطبيعية، ص 267-268، ويحيى الفرحان وآخرين، الجغرافيا الطبيعية، مرجع سابق، ص 262-263.(3) لسان العرب 5/178-179.(4) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم 2/455.(5) لسان العرب 5/179، ومختار الصحاح ص 627 مادة (مطر).(6) لسان العرب 5/179.(7) كشاف القناع 2/66.(8) بدائع الصنائع 1/282.(9) حاشية الخرشي 2/109، والبهوتي 2/66.(10) حاشية ابن عابدين 2/184.(11) تفسير ابن كثير 1/100.(12) القرآن والكون، ص 104.(13) بشير التركي، لله العلم، 1979م، تونس، ص 164-165، وانظر التفسير الكبير 6/463، وانظر الفندي، مع القرآن في الكون ص 165.(14) لله العلم، بشير التركي ص 165.(15) ابن كثير 2/505.(16) تفسير القرطبي 18/303.(17) تفسير القرطبي 9/51، وتفسير ابن كثير 2/449.(18) الموصلي، الاختيار 1/71.(19) مختصر تفسير ابن كثير 3/71، وانظر الشرقاوي، الله والكون ص 106.(20) تفسير القرطبي 9/296.(21) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب الاستسقاء في المسجد الجامع 1/35، ومسلم، كتاب الاستسقاء، الدعاء في الاستسقاء 6/192-193.(22) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه، نيل الأوطار 4/6.(23) أخرجه أحمد وابن ماجه، نيل الأوطار 4/4، وروى أحمد مثله عن عبد الله بن زيد.(24) أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، لكن لم يذكر مسلم الجهر في القراءة، انظر صحيح مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء 6/188-189، وانظر نيل الأوطار 4/4.(25) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب كيف حول النبي ظهره إلى الناس 2/38.(26) حاشية ابن عابدين 1/84، والهداية 1/88، وبدائع الصنائع 1/282.(27) نصب الراية 2/238، وانظر وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 2/413.(28) بداية المجتهد 1/214-215، والقوانين الفقهية ص 60، والشرح الصغير 1/538، ومغني المحتاج 1/325، والمهذب 1/130، والمغني 2/283، وكشاف القناع 2/66.(29) مواهب الجليل 2/205، بداية المجتهد 1/215، ومغني المحتاج 1/321.(30) المغني 2/283.(31) المحلى 5/93.(32) يندب عند الحنفية والشافعية خروج هؤلاء، انظر حاشية ابن عابدين 2/185، ومغني المحتاج 1/322-323، والمهذب 1/130.(33) هذا في الأصح عند الحنفية والشافعية، انظر مصادر شاهد 47.(34) روي أن سليمان عليه السلام "خرج يستسقي، فرأى نملة مستلقية، وهي تقول: (اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك فقال سليمان: ارجعوا، فقد سقيتم بدعوة غيركم) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بمعناه، فذكر بإسناده عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صحيح الإسناد، انظر: المجموع 5/67.(35) الخرشي 2/109، ومواهب الجليل 2/205، وكشاف القناع 1/72-75.(36) والمقصود بالنساء هنا: الشابات مخشيات الفتنة، أما غيرهن فيكره لهن ذلك ولا يحرم، انظر مواهب الجليل 2/207، وبلغة السالك 1/191، والشرح الصغير 1/191.(37) حاشية ابن عابدين 2/185، ومغني المحتاج 1/322، والمهذب 1/130.(38) حاشية ابن عابدين 2/185.(39) بدائع الصنائع 1/284، والاختيار 1/72، وانظر فتح القدير مع العناية 2/96 مع التصرف.(40) وهذا رأي الجمهور، انظر المغني 2/287، وابن عابدين 2/185، والبهوتي 2/69 مع التصرف.(41) رواه البخاري، كتاب الجمعة، الاستسقاء، باب قول الله تعالى: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، 2/41، ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال: مطرنا بنوء كذا 2/59-60.(42) رواه أبو داود، كتابا لأدب، باب ما يقول إذا هاجت الريح 4/326، وابن ماجه، كتاب، باب النهي عن سب الريح 2/1228، والنسائي والحاكم بإسناد حسن عن أبي هريرة.(43) رواه مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر 6/196.(44) رواه الطبراني في الكبير وابن السني كلاهما عن عثمان بن أبي العاص، وقال السيوطي في الجامع 2/317: حديث حسن.(45) إنعام طهبوب، مشروع الاستمطار الأردني للموسم المطري 63-64، ص3-6، دائرة الأرصاد الجوية الأردنية.(46) عندنا في الأردن من هذه المحطات عشرون محطة، انظر المرجع السابق، ص 4.(47) عندنا في الأردن من هذه المولدات اثنتان وعشرون محطة، حسب إحصائية عام 1986م من دائرة الأرصاد الجوية.(48) المرجع السابق، حسب إحصائية 1997م، ص 15.(49) المرجع السابق.(50) أجريت هذه الدراسات بواسطة العليا للاستمطار في دائرة الأرصاد الجوية الأردنية، والمشكلة برئاسة أمين عام دائرة الأرصاد الجوية، وعضوية مندوبين من وزارة النقل، وسلطة الطيران المدني، وسلاح الجو الملكي الأردني عام 1986م، انظر مشروع الاستمطار الأردني وطواقمه، دائرة الأرصاد الجوية (غير منشور).(51)(56) إنعام طهبوب، دراسة وتحليل معلومات الاستمطار الأردني في دائرة الأرصاد الجوية، نشرة غير مطبوعة، ص 14.(57) ( 70) إنعام طهبوب، المشروع الأردني للموسم المطري 93-94، دائرة الأرصاد الجوية، نشرة غير مطبوعة، ص 3-7.(61) ما سبق من أدلة.(62) الشرقاوي، القرآن والكون، ص 104.(63) جمال الدين الفندي، الله والكون، ص 179، 180، 181، والشرقاوي، القرآن والكون، ص 105.(64) انظر: الله والكون، ص 180-181.(65) ليس من الضروري أن يفهم من عبارة الجهل – هنا – أنها قدح وذم، وذلك لأن عالم الفقه أو الشريعة لم يضرب بالعلوم على تنوعها – وبالأخص العلوم الفقهية عرض الحائط في القعود عن طلبها، والركون عن الاستزادة منها، لأن مستنده في ذلك قول الحق تبارك وتعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر: من الآية9)، وقوله سبحانه وتعالى: (عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق:5)، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، وقول صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع" – لكن هذا القدر من العلوم، وهذه الحصيلة من المعرفة هو المقدر له، ولذا على العالم المسلم أن لا ييأس في حظه من المعرفة ما دام أنه على طريقها.(66) بشير التركي، لله العلم ص 164-165، وانظر إبراهيم صقر، أسس الهيدروجيولوجيا، ص 41، والشرقاوي، الله والكون ص 104.(67) الأجاج: المالح شديد الملوحة. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة:68-70)، أجاجاً: أي ملحاً شديداً، قاله ابن عباس، وقال الحسن: مراً قعاعاً، لا تنتفعون به في شرب ولا زرع ولا غيرهما، انظر الجامع لأحكام القرآن 17/143، ويقول ابن منظور: ماء أجاج: أي ملح، وقيل: مر، وقيل: شديد المرارة، وقيل: الأجاج: الشديد الحرارة، قال الله عز وجل: (وهذا ملح أجاج)، وهو الشديد الملوحة والمرارة، مثل ماء البحر. انظر لسان العرب 2/207.(68) حسان شمسي، الأسودان التمر والماء، ص 185، نقلاً عن موريس بوكاي، القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 202.(69) المرجعان السابقان.(70) كتاب توحيد الخالق 3/72.(71) محمد الفندي، الله والكون، ص 182.(72) انظر ص 29-33.(73) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، ورواه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الاستسقاء 2/445، وقال: حديث حسن صحيح.(74) المغني 2/283، وبداية المجتهد 1/214-215، ومواهب الجليل 2/205، ومغني المحتاج 1/321، والقوانين الفقهية ص 60، هذا ومن الضروري والمطلوب أن يتفهم كل مسلم، وكل من يعهد له واجب أو مسؤولية التعامل مع المناخ والسحب والأرصاد الجوية الأساس الذي تقوم عليه صلاة الاستسقاء، وبيان حكمتها وفوائدها باعتبارها من السنن الزائدة عن الفرائض، مثل: صلاة الضحى، وصلاة الحاجة، وسجدات الشكر وغيرها، وأن يحاول كذلك فهم منهج الفقهاء وخلافاتهم حولها، وبالنسبة لركعتي الاستسقاء هناك خلاف بين الفقهاء في تأديتها بجماعة، أم منفردة، بالصحراء أم داخل البلد، بخطبة أم بغير خطبة، بثياب خلقة غسيلة، أم بثياب عادية، وإن كنت أرى – كما نوهت – أن هيئات الفعل واللباس وغيره لأشخاص وطاقم الاستمطار من طيارين وغيرهم ليست بالضرورة أن تكون كهيئات المستسقين أو المتوجهين إلى الله بالدعاء لأن يرسل السماء عليهم مدراراً.(75) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب الاستسقاء 2/40.(76) متفق عليه عن أنس، والظراب: جمع ظرب، وهي: الرابية الصغيرة، انظر نيل الأوطار 4/14-15.(77) رواه الشافعي في مسنده، وهو مرسل، انظر نيل الأوطار: 4/12.(78) انظر ص 30 وشاهد 55 من البحث.(79) انظر ص 31 وشواهد 56، 57، 58.(80) رواه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة الاستسقاء، الدعاء في الاستسقاء 6/195، ورواه – أيضاً – أحمد وأبو داود، انظر نيل الأوطار: 4/14.(81) الفندي، الله والكون ص 180-181 مع بعض التصرف.(82) المرجع السابق ص 182-183 مع التصرف.
الاستمطار في الاسلام

د. ياسين محمد الغادي


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  #10  
قديم 2009-11-02, 05:39 AM
الصورة الرمزية Al-KHUSHAIBY
Al-KHUSHAIBY Al-KHUSHAIBY غير متواجد حالياً
عضو متميـز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الدولة: للمتابعه تويتر R_A_A30@
المشاركات: 41,251
جنس العضو: ذكر
Al-KHUSHAIBY is on a distinguished road
افتراضي

يعطيك العافيه على الموضوع اكثر من رائع

التوقيع:
للمتابعة عبر صفحتي بتويتر
alharby84@
موضوع مغلق


المتواجدين الآن بالموضوع : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 02:39 AM


Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010