اخواني الكرام
موضوع قرأته واعجبني واحزنني كثيرا على فراق صديقي واخي الدكتور فارس بن محمد الغزي رحمه الله تعالى
ونقلته لكم
كما اشكر كاتب هذه الكلمات الاخ (( سعود العتيبي ))
اخوكم ابوسامي
وداعاً دكتور فارس الغزي
عاش ليحزننا عليه ورحل بحزننا عليه
حزنت من ذاك الخبر الذي نشرته (الجزيرة) قبل عدة أيام عن وفاة الدكتور الشاب فارس الغزي - رحمه الله - وأقول في هذا المصاب الجلل:
هكذا هي الحياة أولها بكاء وأوسطها شقاء وآخرها فناء ثم إما نعيماً أبداً وإما عذاباً سرمداً. (مصطفى السباعي).
ولعلنا نعيش فيها لنشقى ولكن ما نريده هو رحمة الله لنا. ولعلي في هذه العجالة أن أوفي من رحل عنها جزءاً من حقه علينا كأبناء وإخوة ومحبين - باقين إلى الآن حتى يأتي في يوم من يكتب عنا بعد رحيلنا (إن وجد) فأقول: اللهم ارحم دكتورنا - د. فارس الغزي رحمة واسعة- وأدخله فسيح جناته وارحمه بعطفه علىالفقراء والمساكين- وبإنفاقه عليهم وتجاوز عنه فإنه مات وهو يحبك - ومالا نعرفه عن الدكتور فارس الغزي - بأنه كان له قلب أبيض لا يحمل حقداً ولا كرهاً على أحد - وكان يعامل الجميع معاملة سوية -وحتى في أقصى حالات غضبه وثورته- لا يحب إيذاء أحد حتى لو تسبب في إيذائه نفسياً أو سلوكياً ويعود كطفل صغير صافي القلب.
كان شاعراً حزيناً يحمل جميع معاني الحزن في جعبته ولا يقيم وزناً للدنيا وزخرفها تحمل كلمات أشعاره حزناً دفيناً يتضح من خلاله أسلوبه حيث كان شعره جزلاً معبراً.
مع أن أغلب قصائده لم ترَ النور حيث كانت قصائده قصائد موقف ولم يكن لديه - رحمه الله - التفرغ للشعر وذلك لعدم تفرغه العلمي ومشاغله كونه أستاذاً أكاديمياً كان يعمل في جامعة الملك سعود بالرياض قبل انتقاله إلى أبها حيث وافته المنية هناك ولخصوصية هذه القصائد ولعل هذه المقتطفات من أشعاره الوجدانية ونظرته للحياة وفلسفته الخاصة التي عاش بها.. رحمه الله تعبر عن ذاتها وحروفها.
لا تسأليني أنا وش لي من الحيلة
يائس محطم من الدنيا وتعباني
لا تسأليني سؤالاً في تفاصيله
غربة زمان ومكان وروح ولساني
جيتك بعد ما شربت الويل مع ويله
جيتك إنسان توفي داخل إنساني
جيتك وقتي علي مسرجا خيله
جرحي الأول يعزي جرحي الثاني
جيتك مجرد حروفا دون تشكيله
ما تنقرا لا تحاول بي ونقراني
كما كان - رحمه الله - صفته الوفاء التي تلازمه دائماً والحنين للماضي الذي لم يكن يختلف بصورة كبيرة عن حاضره الذي عاش به.. حيث عبر عن ذلك بقوله:
1- ما نسيتك ولكن تناسيتك
وابتعدت أحسب إن البعد ينسيني
2- وارتحلت وكتمت الحزن وأخفيتك
في تجاويف قلب مات بيدينك
3- وكل ما أنكرت يوم فيه حبيتك
عيت دموع عيني يا بعد عيني
4- أعترف لك أنا من غربتي جيتك
ضايع مضيع من أجلك عناويني
5- وين شارعك وأي بيوتها بيتك
وش سوى الزمن في بيتك الطيني
6- وين شعراً بكيتك فيه وأبكيتك
وين أنتِ أنا ويني أننا ويني
وكان - رحمه الله - كريماً سخياً مساعداً كل ذي حاجة.. حسب استطاعته إلى درجة الإسراف في الكرم والسخاء.. مافي يده ليس له إنما لغيره..لذلك لم يملك السيارة الفارهة - ولا القصر الفاخر.. وإنما ملك ما هو أكبر من ذلك محبة في القلوب لا تنزع إلا بموت أصحابها.. يعرفها كل من تعرف على هذه الشخصية النادرة وعرف صفاء قلبه الذي عاش به ونقاء سريرته التي كان يتحلى بها ربما يكون هناك الكثير من لم يفهم فلسفته في الحياة.. فلم يبقَ لذلك بالاً وذلك لأنه كان يعامل الآخرين بنيته هو لا بنواياهم مماجعل بعض من أساء الظن به أو بفلسفته بالحياة أن يتخذ منه موقفاً سلبياً.
مما جعله يعاني ويعاني الشيء الكثير لذلك كتب بنزف من مشاعره وإحساسه وفلسفته ونظرته الخاصة التي لم يكن يجبر المتلقي على الإيمان بها بل يستمر بإقناعه حتى النهاية بأسلوب سلس له رونقه الجميل وسحره الخاص الذي يأسر به قلب المتلقي قبل عقله.. فهو صاحب أسلوب وطابع خاص ينفرد به عن غيره.. وهذا ما تشهد به زاويته.
(شدو) عند ما كان يكتب فيها قبل انقطاعه عنها- حيث كانت تطل علينا هذه الزاوية من خلاله - رحمه الله - بموضوعات عدة: اجتماعية، فلسفية، ثقافية، علمية، وجدانية؛ ولقد افتقدناها عند انقطاع هذه الزاوية ولكن لا يعد فقداننا له الآن كإنسان يحمل بين ضلوعه قلباً نقياً كزلال الماء نقياً كبياض الثلج يتسع لاحتواء هموم وأحزان الآخرين ويمنحهم الأمان بأسلوب لم يكن يشبهه فيه أحد من الناس سواه... رحل أبا عبدالعزيز - المؤمن بربه - والواثق برحمته المتعلق برجائه- الإنسان- المثقف الكاتب - الشاعر.. وبكته شدو - وكل من أحبه - وترك له أحباءً سيظلون يذكرونه ويدعون له بالرحمة طوال حياتهم ويرجون أن يجعل ما قدمه لأناسٍ لم يلقِ لهم المجتمع بالاً لضعفهم وقلة حيلتهم شفيعاً له يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. وأن يمنح الله أبناءه العزاء فيه عبدالعزيز وشقيقته ووالدته وشقيقاته وإخوته وأسرته كاملة وكل من أحبه وافتقده..
اللهم ارحمه واغفر له بعدد كل من دعاك ورجاك وسجد لك.
اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته وإن كان مسيئاً فتجاوز اللهم عن إساءته.
اللهم إنه من ضيافتك فهل جزاء الضيف إلا الإكرام والإحسان وأنت أهل الجود والكرم.
اللهم انظر له بعين لطفك وكرمك.
اللهم إن كان غير أهل لوصول رحمتك فرحمتك أهل بأن تسعه.
اللهم إنه عبدك ابن عبدك يحتاج إلى رحمتك وأنت الغني عن عذابه فارحمه يا أرحم الراحمين.
اللهم إنه أصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه فارحمه يا أرحم الراحمين إنك سميع مجيب الدعاء.
2007-01-29, 10:33 PM
عاش ليحزننا عليه ورحل بحزننا عليه
العرض العادي
