عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2006-03-09, 06:11 PM
الصورة الرمزية منصور المناع
منصور المناع منصور المناع غير متواجد حالياً

 

مؤسس الموقع

 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
الدولة: تمـير
المشاركات: 3,921
جنس العضو: ذكر
منصور المناع is on a distinguished road
افتراضي تكـوين الـغيوم والـرياح والامطـار

آيـاته فـي تكـوين الـغيوم والـرياح والامطـار

انَّ دورَ الغيوم، والرياح والامطار، في حياة الانسان وكافة الكائنات الحيّة واضحٌ بالقدر الذي لا يحتاج الى تفصيل، صحيحٌ انَّ الماء يغمُر ثلاثة ارباع الكرة الارضية ، ولكن
أولا: انَّ المياه المالحة لا تصلح للري، ولا لشرب الانسان والحيوانات،
وثانياً: لو فرضنا انَّ كلَّ مياه البحار كانت عذبةً فبأي طريقة يُمكن نقلها الى المناطق والاراضي التي قد ترتفع عن سطح البحر عدة آلاف من الامتار؟
هنا نرى بجَلاء القدرة العظيمة لمبدء الخلق، حيث القى هذا التكليف المهم على عاتق اشعة الشمس لتشرق على المحيطات وتَقوم بتبخير وتصفية مياهها، فيظهر على هيئة قطع من الغيوم، ثم تتجه به نحو المناطق الجافة بمساعدة الرياح، وتُنزله عليها بصورة قطرات مطر لطيفة وصغيرة وبهدوء، حيث تدُب الحياة في جميع ارجاء المعمورة، وتنشُرُ الازدهار والاعمار والخُضرةَ في كُل مكان، وهذا يأتي من خلال نظام دقيق جداً ومحبوك تصحُبه ظرافةٌ بالغة.

وبعد هذا التمهيد القصير نتجه نحو آيات القرآن الكريم بهذا الخصوص فنقرأ خاشعين الآيات الآتية:

1 ـ (اللهُ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيـاحَ فَتُثِيْرُ سَحـاباً فَيَبْسُطهُ في السَّمـاءِ كَيْفَ يَشـاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فإذا أصـابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ إذا هُمْ يَسْتَبْشِرُوْن)
ظاهرة الريح والامطار المليئة بالاسرار:يشيرُ في هذة الآية الى مسألة هبوب الرياح وحركة الغيوم بواسطتها حيث يقول: (اللهُ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيـاحَ فَتُثِيْرُ سَحـاباً).ثمَّ يشيرُ الى بسط الغيوم على وجه السماء، وتراكمها فوق بعضها، وفي الختام يشير الى خروج قطرات الامطار من وسطها، ويقول: (فَيَبْسُطُهُ في السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ و يَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ).و (الكِسَفْ) تعني هنا تراكم قطعِ الغيوم حيث تستعد لنزول المطر، و «وَدْقْ» (على وزن خَلْقْ) تُطلقُ على الرذاذ الذي يشبه الماء، وفسَّرها البعض بانها قطرات المطر.وفي نهاية الآية يشير الى استبشار عباد الله أثر نزول المطر فيقول: (فَإذا أَصـابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ إذا هُمْ يَستَبْشِرُوْن).وعليه فانَّ الرياح لا تُحرِّكُ الغيومَ فقط، بل تبسطها في السماء ثم تركُمَها على بعضها وتتعهد بتبريد أطراف الغيوم واعدادها لانزال المطر.فالرياح ذات تجربة غنية كالرعاة حين يقومون بجمع قطيع الماشية في وقت محدَّد من اطراف الصحراء ويسوقونها في طريق معين، ثم يحضرّونها للحلب.وليس سُمكُ الغيوم يكون الى الحد الذي يمنع خروج قطرات المطر، ولا شدة الرياح بالقدر الذي يمنع نزول هذه القطرات الى الارض.ولا تكون قطرات الامطار صغيرة بالقَدَرِ الذي يجعلها تبقى معلقةً في السماء، ولا كبيرة حيث تؤدي الى تدمير المزارع والبيوت.ولا يُعتبر نزول المطر مُبشِّراً للناس لأنَه اساس الاعمار والازدهار فقط، بل انَّه يُصَفّي ويُلطِّفُ الجو ويبعثُ على النشاط.واللطيف انّه يقول في سياق هذه الآية من سورة الروم: (فَانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)؟!.ومن اجل ادراك مفهوم هذه الآية يكفينا مشاهدة صور من بعض الصحارى، ومزارع بعض المناطق في أفريقيا كيف خيَّم عليها شبحُ الموت أثر التصحُّر المستمر، ورَحَلَ عنها مَلَكُ الحياة.والعجيب انَّ هذه الامواج اللطيفة للرياح التي تَخترقها قطراتُ الامطار بسهولة، تقوم باقتلاع الاشجار الضخمة، وتُدمِّرُ المبـاني، وتختطفُ الانسان معها .

2 ـ (وَمِنْ آيـاتِهِ أنْ يُرسِلَ الرِيـاحَ مُبَشِّرات وَليُذِيقْكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْريَ الْفُلْكُ بأمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونْ)
وتتعقبُ هذة الآية الموضوع ايضاً بشيء من الاختلاف، فهي تصفُ الرياحَ بالمبشِّرات، وبالاضافة الى مسألة نزول الامطار فهي تشير الى حركة السفن بواسطة الهبوب المنظَّم للرياح ايضاً، فجاء في النهاية: (ولِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْن).ومن الممكن ان تكون عبارة (وَليُذيْقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) اشارة الى بقية فوائد الرياح، كتلقيح النبات، ودفع البخار المكثف، والتعفن المتصاعد، وتنقية الجو وغيرها .

3 ـ (وهُوَ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيـاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَي رَحِمَتِهِ حَتى إذا أقَلَّتْ سَحـاباً ثِقـالا سُقْنـاهُ لِبَلَد مَيِّت فأنْزَلَنـا بِهِ الْمـاءَ فَأخْرَجْنـا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرات)

4 ـ (واللهُ الَّذي أرْسَلَ الرِّيـاحَ فَتُثِيْرُ سُحـاباً فَسُقْنـاهُ إلى بَلَد مَيِّت فَأحِيَيْنـا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)
وإهتَّم في هذةالآيتين بهذا الأمر ايضاً مع هذا التفاوت وهو اعتبار الرياحَ مقدمة لرحمته، ووصفَ الغيوم بـ (الثِّقال) أي (الأحمال الثقيلة، جمع ثقيل) لانَّ الغيوم الممطرة اثقل من بقية الغيوم، وتكون قَريبة من الارض، لذلك عبَّر عنها القرآن الكريم بـ(الثِّقال).و (اقلَّت) من مادة «إقْلالْ» وتعني حملُ شيء يكون خفيفاً بالنسبة لقدرة الحامل، فهو يعتبره قليلا ولا قيمة له، انَّ وجود هذا التعبير في الآية اعلاه يبرهنُ على انَّ الغيوم الثقيلة التي قد تحملُ معها ملايين الاطنان من المياه لا تُحّملُ الرياح