عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2008-01-14, 11:14 PM
الصورة الرمزية خالد المرزوق
خالد المرزوق خالد المرزوق غير متواجد حالياً
عـضـو مـتـألـق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: الرياض - غرب
المشاركات: 533
جنس العضو: ذكر
خالد المرزوق is on a distinguished road
B15 تأملات في شدة البرد (سبحان الله )

الحمد لله وكفى , وصلى الله وسلم على عبده المصطفى .
وبعد :
أحبتي الكرام , نعيش في هذه الأيام برداً قارساً , يتغلغل داخل الأعضاء ويصل للعظم .
فنسأل الله أن ينجينا من جهنم سمومها وزمهريرها - آمين .
لما كان المسلم يشعر في الشتاء بالبرد، فقد امتنّ الله على عباده بأن خلق لهم من أصواف بهيمة الأنعام وأوبارها وأشعارها ما فيه دفء لهم من البرد.
قال تعالى {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}
وقال تعالى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء كتب إلى الجُند بالوصية: إن الشتاء قد حضر وهو عدوٌّ فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب واتخذوا الصوف شعاراً ودثاراً، فإن البرد عدوٌّ سريع دخوله بعيد خروجه، وذلك من تمام نصيحته وحسن نظره وشفقته وحياطته لرعيته - رضي الله عنه - ومما يؤمر به في الشتاء وغيره مواساة الفقراء والمساكين بما يدفع عنهم البرد، وفي ذلك فضل عظيم، خرج الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعاً: من أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة ومن سقاه على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ومن كساه على عري كساه الله من خضر الجنة أي من حلل الجنة الخضراء). وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال: (يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط وأجوعَ ما كانوا قط وأظمأَ ما كانوا قط فمن كسا لله عزّ وجل كساه الله ومن أطعم لله أطعمه الله ومن سقا لله سقاه الله ومن عفا لله أعفاه الله).
أحبتي الكرام
ومما تجدر الإشارة إليه أن الشتاء يُذَكِّر بزمهرير جهنم ويوجب الاستعاذة منها وتجنب الأعمال الموصلة إليها من ترك الواجبات وعمل المحرمات، وفي حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان يوم شديد البرد فليقل العبد: لا إله إلاّ الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم) قال الله تعالى لجهنم ( إن عبداً من عبادي استجار بي من زمهريرك وأني أشهدك أني قد أجرته) قالوا وما زمهرير جهنم قال: بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده) أخرجه الدرامي
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر من سموم جهنم وأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم). ورُوي عن ابن عباس قال: يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر. وعن مجاهد قال: يهربون إلى الزمهرير فإذا وقعوا فيه حطم عظامهم حتى يسمع لها نقيض.
وقد قال الله عز وجل {لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا جَزَاء وِفَاقًا}
وقال الله تعالى {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}
قال ابن عباس الغساق الزمهرير البارد الذي يحرق من برده وقال مجاهد هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده. وقيل: إنّ الغساق البارد المنتن. أجارنا الله تعالى من جهنم بفضله وكرمه. *
والواقع أن فصل الشتاء مما يعين على الخير ، ويساعد على ذلك خير مساعدة .

وليس من المبالغة أن يُقال إن فصل الشتاء كله خير.. ويكفي أن برده وصقيعه يذكران بزمهرير جهنم، بل إن طينه وترابه الذي يذوب ويرخو بفعل مياه الأمطار المنهمرة فيه لمما يوجه دعوة إلى ذلك الكائن الضعيف المخلوق من هذا الطين (الإنسان) بأن يرق قلبه، وتلين جوارحه لذكر ربه.
قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}. [الحديد:16].
(( هذا ما تيسر ))
ونسأل الله تعالى أن يغيث القلوب بغيث التقوى
كما نسأله سبحانه أن يغيث العباد والبلاد بالمطر المبارك النافع

التوقيع: